تتركز الأنظار الآن على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وتحديدا على نائبة الوزير للتنمية الدكتورة تماضر الرماح، كونها تأتي ثاني امرأة سعودية تشغل هذا المنصب بعد نائبة وزير التربية والتعليم في فترة سابقة تختلف، ولاشك عن الفترة التي نعيشها الآن بحيث ترجح كفتها لصالح الدكتورة تماضر بما وجد فيها من تسهيلات فتحت الطريق أمام المرأة السعودية للمشاركة الفعالة في اتخاذ القرار والمساهمة في نجاح رؤية المملكة 2030، وهي من مهدت السبل أمامها لتنطلق، إيمانا من أصحاب القرار بقدراتها وإمكانياتها التي لا تقل عن مثيلاتها في دول العالم، ومنهن من اعتلين مناصب عليا في دولهن وخارجها في مؤسسات وهيئات دولية، وكانت بصماتهن واضحة في عدة مجالات سياسية وإنسانية.
وبما أن للمجتمع دورا كبيرا في دعم المرأة وتشجيعها وإزالة العراقيل التي تحد من انطلاقتها فإننا نعول كثيرا على مجتمعنا ليكون الحافز والداعم، خاصة أن دورها الفاعل والقيادي كان واضحا في فترات سابقة من تاريخنا غير أن لبعض الأفكار دورا في خفوته بعد أن شاعت ثقافة العيب بما فيها من إجحاف، وما لحق بها من تغطية وإخفاء لدرجة أن البعض يتحرج من ذكر اسم أمه أو أخته أو زوجته في جماعة، وهذا كله أسهم في تحجيم دورها التنموي وإبقائها في دائرة الظل فترات طويلة جدا.
هناك شخصيات كسرت القيد وتجاوزت الدائرة إلى فضاء رحب من التألق والإبداع، ونائبة وزير العمل والتنمية إحدى هذه الشخصيات والتي توضح سيرتها التعليمية والعملية مدى مثابرتها وبروزها في مجالها التي عملت فيه قبل أن ترشح لمنصبها الحالي، وهذا يصب في مصلحة موظفات هذا القطاع على وجه الخصوص كون التنمية تركز على الخدمات المجتمعية الكاملة، وتنصب على الفئات الأكثر احتياجا وهم ذوو الاحتياجات الخاصة والأيتام والمعنفون ومن تخلى ذووهم عن استلامهم بعد أن قضوا محكومية قضايا أو مخالفات أقدموا على ارتكابها، وغير ذلك من المهام الإنسانية والاجتماعية والتي يتطلب القيام بها شخصيات قيادية وكوادر مؤهلة ومدربة، وبحكم أن غالبية تلك المهام تقوم بها موظفات فإن نائبة الوزير ستكون الأقدر على تفهم ما يقمن به من أعمال وما يعترضهن من صعوبات، خصوصا أن الكثيرين يجهلون هذا القطاع وخدماته رغم أهميتها، والتي لا تقل عن أي قطاع آخر، بل قد تكون الأهم فدورها تربوي وتأهيلي وتقويمي وحماية ورعاية وتنمية كذلك، هذه مجتمعة تصور ضخم المسؤولية التي تتحملها التنمية الاجتماعية، وهي الطرف الثاني بعد العمل وما يناط به من مهام كبيرة جدا ترتبط هي الأخرى بالجوانب الحساسة في مجتمعنا من التوظيف إلى البطالة وعمل المرأة واستقدام العمالة وتحقيق نسب عالية في سعودة الوظائف وغيرها الكثير.
والمجمل أننا أمام وزارة تضم وزارتين، وكلتاهما تشكل المرأة بين موظفيها نسبة عالية جدا، بل إن ما تقوم به قد يلامس
أو يهم الجانب النسائي أكثر من غيره، لذلك فالخطوة كانت موفقة وإيجابية للغاية، وستحقق توازنا نوعيا في الجانب الوظيفي داخل الوزارة، من حيث إن مرجعية الموظفات نسائية فسوف يختصر الجهد ويسارع في إنجاز المعاملات التي كانت في السابق تتعرقل بسبب التنقل بين أكثر من إدارة داخل هيكل الوزارة التنظيمي إلى أن تصل إلى منتهاها، نعلم أن منصب نائبة الوزير للتنمية يندرج تحته العديد من الإدارات والأقسام تضم موظفين وموظفات، وهنا يتضح حجم الثقة وعظم المسؤولية، ولكن ما يعتبر ميزة في قطاع التنمية أن العمل تكاملي وجهود الكوادر النسائية بكافة المسميات الوظيفية حاضرة بقوة وهن يتطلعن إلى قفزة كبيرة في عهد الرماح تقضي على الصعوبات التي كانت تحجم من دورهن بحكم تعدد المرجعيات والصعوبة في إيصال وجهات النظر أو المقترحات التطويرية إلى الإدارات التنفيذية والتي لابد منها حتى يرتقين بالخدمة المقدمة سواء للنزيلة في الدور الإيوائية أو المستفيدة من الخدمات الأخرى التي تقدم بطرق مختلفة ولشرائح متعددة في المجتمع، أيضا الكوادر نفسها تحتاج إلى تطوير المهارات ومواكبة الجديد في مجال العمل الاجتماعي والتنموي، خاصة أن البعض يحتاج فعلا إلى تكثيف الجانب التأهيلي الخاص بمهام الوظيفة العامة والسلوكيات الواجب التحلي بها عند تقديم الخدمة للجمهور، خاصة أن التعامل مع هذه الفئة يتطلب مهارات معينة.
كل ما سبق ليس إلا القليل من التطلعات التي لاشك هي من ضمن خطط النائبة غير أن بعضنا يسابق الزمن ليرى البذرة وقد أينعت ثمارا، خصوصا أن التغيير يعد محفزا للعطاء وباثا لروح الحماسة، وأن الغد سيكون أفضل، ليندفع كل عضو في المنظومة لتقديم ما لديه إلا بطبيعة الحال تلك الأقلية المتكاسلة والمتمردة على أنظمة العمل، والتي مازالت تركن إلى القديم رافضة تطوير نفسها بما يتواءم وأنظمة العمل الجديدة، ديدنها الشكوى وادعاء المظلومية، وهؤلاء هم العقبة في أي إدارة، ويتطلب الأمر التعامل الفوري معهم لأن في تماديهم تعطيلا للعمل وإضرارا بمصالح المراجعين، نتفق أنه ليست هناك بيئة عمل مثالية تماما، لكن هناك حقوق وواجبات، يجب على الموظف أيا كانت صفته أداؤها، وعلى الوزارات والإدارات معالجة الخلل إن وجد سريعا وإلا استفحل الأمر.