قامت الجهات المعنية بالصحة في العديد من الدول العربية هذه الأيام بتدشين حملات تطعيم ضد شلل الأطفال، وفي مملكتنا يناط هذا الشأن بوزارة الصحة التي قامت كذلك بتدشين هذه الحملات، ولكن «بصمت»!

بدأت الحملة الأولى منذ فترة قريبة وها هي تبدأ الحملة الثانية مطلع هذا الأسبوع، ولربما لم يعلم الكثير من الناس عن هاتين الحملتين حتى يقرأ هذا المقال..

عندما تتصفح مواقع الإنترنت الرسمية للوزارة وغيرها أو الصحف الورقية والمجلات أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي تكاد لا تجد إعلانا يخبر الناس بحلول هذه الحملات التي تنفق عليها الدولة «مليارات»، فضلا عن أن تحثهم أو توعيهم..

فكان لا محالة أن يقوم بعض الأطباء أو الإداريين بنشر خبر هذا الشأن بوسائلهم الفردية المحدودة «الواتساب والسناب شات» ونحوهما كاجتهادات شخصية، وهذا ما من شأنه أن يقابل إعلان الشخص أسئلة عن ماهية هذا اللقاح؟ فلربما يفتي -لعدم تخصصه- قائلا كما قد قيل: إن ما ضرك ما نفعك!

بين عامي 2004 - 2006 تفشى هذا الداء العضال في السودان، وبالطبع شكل مصدرا للعدوى وصلت السعودية واليمن حتى بلغ إندونيسيا، مما أنتج إصابة أكثر من 1200 حالة فاقت تكاليفها 150 مليون دولار أميركي، مما سجل حالة طارئة دولية.. ووفقا لذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية WHO عن مخاطر انتشار مرض شلل الأطفال من السودان لما جاورها، وأن الأمر عالي الاحتمالية، وأشار رصدهم الذي قاموا به إزاء ذلك التفشي للمرض، أن 30%‏ لم يتلقوا أي جرعة تحصين لشلل الأطفال أو تلقوا تطعيما غير كامل «أقل من 3 جرعات»..

من كل هذا يعلم «بالضرورة» أن مرض شلل الأطفال قريب من دولتنا، وسبق أن تفشى وأصاب أطفالنا عام 2004 - 2006، وأن السبب كان وراء عدم تلقي هؤلاء الأطفال جرعات التحصين، من هنا يظهر جليا أهمية تحصين أطفالنا، وأنى للأسر أن تحصن أطفالها إذ لم يكن هناك إعلانات بالشكل المطلوب، لا سيما أن هذا المرض يكلف «مليارات»، ناهيك عن شلل يصاحب هذا الطفل طوال حياته -هذا إن لم يكن من 10%‏ الذين يصيب المرض عضلات جهازهم التنفسي فيموتون جراء ذلك-.

فلا مناص من وجوب اضطلاع الجهات المختصة بالإعلانات المكثفة الواضحة «الاستباقية» أيضا بفترة كافية، وإن كلف الوزارة بضعة آلاف أو حتى بضعة ملايين، فهو أهون من تكلفة مليارات لعلاج المشلول، فضلا عن حقه في العيش سليما، ناهيك عما سيترتب على هذا من صعوبات على مستوى أسرته ومجتمعه.

ختاما، فليعلم أن هذا المرض داء فيروسي يصيب الجهاز العصبي ويحدث شللا في غضون ساعات -في الساقين عادة-، ينتشر بشكل أساسي عن طريق البراز وعن طريق الاشتراك مع المريض في الأكل أو الشرب، يتكاثر في الأمعاء لذلك يسبب للمصاب تقيؤا وصداعا وحمى وتصلبا في الرقبة وآلاما في الأطراف، ولا يوجد له علاج، ولا يوجد له وقاية سوى «التطعيم».