تختلف طرق قياس مدى نضج الدول في نشر الكتب، فيمكن حسابه بمجموع الكتب المنشورة سنويا، وأيضا نسبة الكتب المنشورة لكل مليون نسمة. تعتبر الصين من أكثر الدول نشرا للكتب بواقع 444 ألف كتاب سنويا في 2013، ولكن نسبة الكتب المنشورة لكل مليون نسمة تعادل 325 كتابا. بينما تعد المملكة المتحدة من أكثر الدول حراكا في نشر الكتب بمستوى 184 ألف كتاب سنويا، ومعدل 2875 كتابا لكل مليون نسمة. ويتفاوت مستوى النشر من الدول مثل أميركا 304912 كتابا، ألمانيا 77910 كتب، النرويج 6373 كتابا، فيتنام 24589 كتابا، باكستان 3500 كتاب، والمكسيك بواقع 23948 كتابا.
يوجد حراك كبير في المنتديات الدولية للكتب في المملكة، خاصة في الأعوام الماضية، فقد شهد منتدى جدة الدولي للكتاب العام الماضي زيارة أكثر من 120 ألف زائر خلال أيامه الأولى. ويتقارب عدد الزوار في بقية المعارض والمنتديات الدولية للكتاب في المملكة. وحسب تقرير مكتبة الملك فهد الوطنية فإن عدد الكتب المنشورة في عام 2016 هو 6969 كتابا، ومجموع أوعية المعلومات من كتب، خرائط، رسائل جامعية، نشرات وغيرها وصلت إلى 12772 في عام 2016. ورغم أن الإصدارات في ازدياد، ولكن نستطيع أن نثري المكتبة السعودية أكثر بالبحوث والمعلومات المرئية والكتب المطبوعة والصوتية.
وإحدى تلك الخطوات هي ما قام بها معالي وزير التعليم مطلع الأسبوع الماضي. فقد احتفل معاليه بتدشين كتاب حياة في الإدارة لمعالي الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، ليبدأ تدريسه في المرحلة الثانوية، خبر أثلج صدور الكثير من القراء. تدشين كتاب من المكتبة السعودية وإدراجه في المرحلة الثانوية خطوة نوعية ليست فقط في إثراء المحتوى السعودي، أو تكريم شخصية مثل الدكتور غازي، لكنه خطوة رائدة في فتح باب ولو بكتاب واحد بداية لدخول مجموعة أكبر من الكتب. بالإضافة لذلك، الخطوة تحقق ثلاثة أهداف:
أولا: قراءة الطلاب للكتاب والتعرف على تاريخ المملكة وواقع العمل الإداري والأخلاقي خطوة رائدة في اتصال الأجيال بالواقع العملي. فكتاب حياة في الإدارة غير كل مؤلفات المناهج يحكي قصصا واقعية يستطيع الطالب استنباط مهارات عملية بعد المناقشة.
ثانيا: بالتأكيد إن مرحلة اعتماد كتاب حياة في الإدارة مرت بخطوات عدة حسب معايير وآليات محددة، وأعتقد أنه من المناسب تشكيل هذه الخطوات والمعايير في دليل واضح حتى يمكن فتح الباب للكثير من الكتب السعودية، سواء كانت كتب السير الذاتية أو القصصية أو تطوير الذات، من الدخول للمدارس. وسيؤدي هذا إلى نمو عام في المنشورات السعودية، وتحفيز في زيادة نسبة الكتابة والقراءة خلال السنوات القادمة. وبالتأكيد، النمو المحلي في المنشورات يؤدي إلى نمو عام في سوق النشر والمطبوعات، وفي حال تحفيز عدد أكبر من القراء فقد ينتج عن ذلك سوق جديد من الناشرين والمكتبات وغيرها.
ثالثا: وأعتقد أنها النقطة الأهم، خروج التعليم عن محددات مؤلفات المنهج الدراسي وفتح الباب للطلاب، وتحفيزهم على البحث عن المعلومة والقراءة والاستفادة من قنوات تعليمية مختلفة. فإن توافقت الكتب معايير القبول للدخول للمدارس، أو إن اتفقت وزارة التعليم مع وزارة الثقافة والإعلام بقبول كل ما يتم الموافقة على فسحه، فسيسعى الناشرون إلى أخذ الموافقة من التعليم لنشر مؤلفاتهم في المدارس، وإصدار مواد تدريبية لتدريب المعلمين لتدريس الكتاب وغير ذلك. بإذن الله بمبادرات وبرامج محددة وطموحة، يمكن إنعاش السوق.
بالتأكيد، الأهداف والأفكار قد تحيد عن مسارها في التطبيق، فمن عدم توفر الكتاب للطلاب أو تدريس المحتوى بطريقة خاطئة أو غير ذلك من التطبيقات التي ستؤثر سلبا على الفكرة والهدف، ولكن بإذن الله يكون كتاب حياة في الإدارة بادرة لإحياء وانتعاش المحتوى السعودي، ودعم الأجيال القادمة بمواد ثرية واقعية وعملية، وتحفيزهم على البحث والسعي وراء المعلومة، واستمرارا لإضافة كتب ثرية في حقيبة الطالب. ونشكر وزارة التعليم وكل من أسهم في تحقيق هذه المبادرة، ووفقهم الله لما فيه صلاح للوطن والتعليم.