بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية تأسست كما هو معلوم على الخير والهدى من أول يوم، منذ ذلك اللقاء التاريخي بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب عام 1157 للهجرة، عندما قال الإمام محمد بن سعود للشيخ محمد: «أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة»، فأجابه الشيخ محمد بن عبدالوهاب بقوله: «وأنا أبشرك بالعزة والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها، وعمل بها، ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول

ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأرجو الله أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون، وذريتك من بعدك»، وقد نصر الإمامُ محمد بن سعود وأبناؤه من بعده كلمةَ التوحيد، ونشروها بين الناس، وحذّروا مما ضادها، فنصرهم الله، تحقيقا لوعده سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، فعلوا ذلك تنفيذا للغاية التي خلق الله الخلق من أجلها، وهي التوحيد، عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي: يُوحِّدون، وقد استمروا على ذلك، إلا أن أعداء التوحيد، وعُبَّاد القبور، شَرِقوا بدعوة التوحيد، وتواصوا على عداوتها، ومحاربة أنصارها، فسقطت الدولة السعودية الأولى، لكنها قامت بتوفيق الله مرة أخرى على يد الإمام تركي بن عبدالله رحمه الله، فالناس يحبونها، ويحبون أئمتها، وجذورها في الأرض راسخة، وفروعها في السماء عالية، ومنافعها ناصعة، ثم قدر الله أن تسقط الدولة السعودية الثانية، فحصل من التفرق والشرور والجهل ما حصل، فهيأ الله الملك عبدالعزيز رحمه الله فأسس الدولة السعودية الثالثة، التي نتفيأ ظلالها الآن، فقام بالحق والعدل، فرحم الله به العباد، وأمَّن به البلاد، وألف الله به بين القلوب، ووحّد به البلاد، وقام ببناء الدولة على أسس متينة، وتنمية في جميع المجالات، وخَلَفَه في مواصلة مسيرة التنمية والبناء أبناؤه البررة سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد ثم عبدالله ثم الآن ملك الحزم والعزم الملك سلمان وفقه الله، وكل ملك يكمل مسيرة من قبله، ويبني لبنة في هذا البناء الشامخ؛ ويقوم بتحديث أنظمة الدولة وتطويرها، لتواكب المستجدات وتراعي المتغيرات، لكن هوية الدولة بحمد الله ثابتة في كل مراحلها، وهي التمسك بالكتاب والسنة، ونصرة العقيدة الصحيحة، وكون الكتاب والسنة هما الحاكمان على جميع أنظمة الدولة، كما هو منصوص عليه في النظام الأساسي للحكم.

ومن هذا المنطلق فإن الحديث عن دولة سعودية جديدة (رابعة)، لا معنى له، ما دام البناء شامخا ومتماسكا في دولتنا السعودية الثالثة ولله الحمد، وما دامت الهوية ثابتة بتوفيق الله ثم بفضل ولاة أمرنا، وما دام التحديث والتطوير مستمرا، وها نحن بحمد الله نتفيأ ظلال الدولة السعودية الثالثة الصلبة نستظل بظلها ونلوذ -بعد الله- بحماها، عسى الله أن يديم عزها ويبقيها ما بقي الليل والنهار، وأما المضي قُدُماً في التنمية فهو واقع ومستمر كما تقدم في كل مراحل الدولة، الأولى والثانية والثالثة، وفق معطيات كل عصر، وفي هذا يقول الملك سلمان حفظه الله: (إن السياسة السعودية تسير في خط ثابت ومستقر، وإن كل ملك من ملوك البلاد يبني على ما بناه من سبقه من الملوك... وإن هذه من الثوابت الراسخة منذ عهد الملك المؤسس وحتى اليوم ولم ولن تتغير)، فهذه هي دولتنا وتلك هي هويتنا.

حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وأدام توفيقهما للخير.