سلمان الشهري



حديثي سيكون عن مقام ليس بيات ولا سيكا ولا نهاوند، فهي مقامات موسيقية، لكنني سأتحدث عن مقام اجتماعي، يعزف عليه الكثيرون، وهو مقام العاطفة. مقام له عالمه المؤثر، فهو يبكي ويفرح تارة، ويعظم تارة أخرى ويصفح ويعفو في كثير من الأحيان.

لنعد معاً إلى الوراء إلى صيف عام 1990 عندما غزا صدام حسين الكويت، وما فعله بها وبأهلها من جرائم، جعلت المجتمع يكيل له الغضب والبغض، والسب والشتم والدعاء عليه من منابر المساجد ومحاريبها، وما قالته الأفواه من ملاحم الهجاء وغيرها، ولا غرو في ذلك فمن يستطع يا ترى أن ينسى ما فعله في تلك الحرب من أصناف المآسي وعظيم الجرم...إلخ.

ثم ما لبثت الصورة أن تحولت إلى المشهد الثاني في دراما العاطفة بمجرد شنقه ليعطروه بكلمات المديح والثناء والترحم، وأنه صلاح الدين في هذا العصر.

سنوات بسيطة فاصلة بين المشهدين، اختلفت فيها النظرة تماماً، وكأن شيئا لم يكن.

نسوا ماضيه الأسود وجرائمه النكراء التي تقشعر منها الأبدان، ليتحولوا إلى الصورة الأخرى لمجرد نغمة عاطفة عزف عليها في المشهد الأخير له.

صور كثيرة لدراما العاطفة لمثل حال صدام حسين، سرعان ما يتحول فيها المجتمع من محب إلى مبغض أو العكس لمجرد تغير عاطفي حدث أثناء الحبكة الدرامية.

إن مقام العاطفة ظالم في كثير من الأحيان، بل ويمكن استغلاله بشكل سيئ، فقد يدمر المجتمع، ويقضي على العدالة والإنصاف فيه.