في البداية، لو سألنا أي مواطن سعودي: من المسؤول عن الرياضة في قطر؟ ببساطة سيجيبنا فوراً بـ«لا أعلم»، لكن إذا انتقلنا إلى قطر وتوجهنا لأي مواطن قطري، وسألناه نفس السؤال: من هو مسؤول الرياضة القطري؟ فأيضاً سيكون جوابه غالباً «لا أعلم» رغم أن المسؤول عن الرياضة القطرية ومن باب الأمانة رجل يقدم خدمات جليلة للرياضة القطرية، فهو يقوم بتجنيس أعداد غفيرة سنوياً من جيبوتي وتنزانيا والبرازيل، وكل عملية تجنيس تتطلب معاملة ضخمة من مقابلات وتفاهمات واختبارات وعقود، هذا بالإضافة إلى الميداليات والكؤوس والمبالغ النقدية التي توزع على المنتخبات الإسرائيلية التي باتت تزور دولة قطر بشكل منتظم، رغم كل هذه الخدمات إلا أننا في النادر نجد هاشتاق أو حتى تغريدة تتحدث عن الرجل.
الغريب أننا في الوقت الذي لا نكاد نجد فيه حديثاً لأهل قطر عن مسؤول الرياضة القطري، نجد معظم من يعيش في دويلة قطر يعرفون كل شيء عن «تركي آل الشيخ»، ويتتبعونه أينما ذهب، ويتتبعون أخباره حتى الخاصة منها بالداخل السعودي، وقد تتبعت بعض الشخصيات القطرية المرموقة كرؤساء التحرير هناك وبعض المسؤولين فلم أجد لهم حديثاً واحداً عن وزير الرياضة القطري، وفي نفس الوقت وجدتهم مشغولين بالحديث عن «تركي آل الشيخ» كيف أنه ينفذ أجندات تغريبية، وأنه يعمل ضد الإسلام والمسلمين على طول الخط، حتى إن أحدهم علّق على الاتفاقية التي أجراها «تركي آل الشيخ» مع منظمة WWE للمصارعة، بقوله: لو أن هذا المال تم صرفه لنصرة مسلمي بورما لكان أولى!.
السؤال هنا: ما سر اهتمام دويلة قطر بـ«تركي آل الشيخ»؟ والجواب على لسان «هشام مرسي» صهر القرضاوي ورئيس أكاديمية التغيير المملوكة بالكامل لقطر، حيث قال: إن الثورات في كل من سورية وليبيا وتونس واليمن قامت أساساً بسبب الوضع الاقتصادي الرديء الذي كان بمثابة الحافز الرئيسي لثورات الشعوب، بينما الوضع الاقتصادي في السعودية قوي وممتاز، بالتالي فالحاجة للثورة هنا قد انتفت، بمعنى أن الحافز الاقتصادي الذي يعتبر هو الحافز الأقوى لثوران الشعوب غير موجود لدى المجتمع السعودي، فما هي الإستراتيجية البديلة والتي ينفذها الإعلام القطري اليوم لتحفيز المجتمع السعودي على الثورة؟
الإستراتيجية ببساطة، أن تكون هنالك عملية استهزاء شبه يومي بكل مسؤول سعودي، أن يتم الطعن في هذا المسؤول، في نيته وفي عقيدته ووطنيته وأخلاقياته، أن يتم التشكيك في كل قرار يتخذه وكل إنجاز يقوم به، والهدف من كل هذا أن يصاب المواطن السعودي في الأخير بالإحباط، وأن يفقد الأمل في إمكانية النجاح، أي ألا يرى أي ضوء في آخر النفق، هذا الإحباط وهذه الحالة من اليأس هما الحافز البديل عن الحافز الاقتصادي للقيام بثورة في السعودية، بالتالي فحديث الإعلام القطري المتواصل عن الرجل ليس لذاته، إنما لأنه مسؤول سعودي، أو لأنه أحد المسؤولين السعوديين الذين يوجهون خطابهم بين الفترة والأخرى لدويلة قطر، ولكل المشاريع التي تدعمها.
ولا أقول هنا إن كل من ينتقد «تركي آل الشيخ» فهو ينفذ أجندات خارجية أو أنه إخونجي، فالقول بمثل هذا ضرب من السذاجة، فالمواطن في هذه البلاد يحق له أن ينتقد المسؤول، والمشجع السعودي ملعبه النقد، وشراسته في هذا الجانب هي ملح الرياضة، ولا يمكن بأي حال فصل التشجيع عن النقد الذي يصل أحياناً للصراخ، الإشكالية فقط أو اللعبة التي تلعبها قطر هنا تشبه اللعبة التي يلعبها النظام الإيراني، فالنظام الإيراني استغل شعارات كالوطنية والطائفية ليمرر أجنداته، والنظام القطري يستغل «مشروعية النقد» ليمرر أهدافه، مما يعني أننا فعلياً نعيش أجواء حرب تعتمد على الاستهزاء والإشاعات والتزوير وكل أساليب الخسة والدناءة، حرب لا تستهدف مسؤولاً بعينه إنما كل مسؤول، بدءا من ولي العهد «محمد بن سلمان» مروراً بعادل الجبير ثم سعود القحطاني فثامر السبهان وانتهاء بمحور الحديث «تركي آل الشيخ» الذي هو هنا عنوان للجذب لا أكثر، وإلا فما يجده الرجل يجده بقية المسؤولين بشكل أشرس. فما الحل؟
إن اللعبة اليوم بالكامل في ملعب الإعلام، وهو آخر ورقة في يد النظام القطري، مما يعني أن الحل بالكامل في يد إعلامنا الذي عليه أن يكون متواجداً وبقوة في مواقع التواصل وبين أيدي الشباب، على الخبراء والمتخصصين فيه أن يقوموا بجولة على حسابات المسؤولين السعوديين في مواقع التواصل للتعرف على طبيعة حرب اللاعنف التي تقوم بها قطر وعلى كل الإستراتيجيات المتبعة، ومن ثم وضع الحلول للتصدي لكل هذا، فمن المخجل أن يتم الاكتفاء بمجهودات الشباب السعودي الفردية، لنتأمل في حال الإعلام المصري الذي يصفه البعض بأنه إعلام مطبل، إلا أنه في الحقيقة إعلام وطني بشكل مخيف، ولا يمرر أي إساءة لأي مسؤول هدفها الإضرار بنفسية المواطن المصري، فعلى إعلامنا أن يصحو رويداً رويداً أو بشكل مفاجئ، المهم أن يستيقظ ويدخل في أجواء عاصفة الحزم، خصوصاً أننا نتحدث هنا عن ضحايا بين شبابنا الذين أصاب بعضهم الإحباط فعلاً بسبب كل هذه الشوشرة التي تقوم بها الآلة الإعلامية القطرية، هؤلاء لابد من مشروع إعلامي وطني يزرع فيهم الأمل، مشروع إعلامي وطني متلبس بروح الحزم.