صادف يوم أمس الثامن من مارس احتفال العالم باليوم العالمي للمرأة، والذي يعدّ يوما رمزيا للاحتفاء بالمرأة وبإنجازاتها وإظهار التقدير والاحترام لها. فكل عام وسيدات وطني الرائعات القديرات بخير في دولة الخير..
بدأ مارس بدايةً فاخرة ونحن لا نزال نتبادل التهاني بتسمية د. تماضر الرماح نائبة الوزير لشؤون التنمية الاجتماعية، وتكليفها بملف عال الأهمية وهو التنمية الاجتماعية. للأمانة أخذتُ نفسا عميقا جدا وأنا أسمع هذا القرار، شعرت بأن رئتيّ تتجاوبان مع الأكسجين أكثر كعادتي مع كل قرار يقترب بالمرأة في بلادي من حق المواطَنة الكامل في الأهلية والحقوق والواجبات.
لم يغادرني شعور الغبطة، بل استطال عنقي وأخذتُ نفسًا أعمق وأنا أتابع احتفالية مركز الملك فهد الثقافي بتكريم باقة من السيدات الفضليات اللواتي تختلف تخصصاتهن وتجمعهن المشاركة الفعالة والإيجابية في صياغة فسيفساء هذا الوطن ومشهده الحضاري.
ولأن الأخبار السارة تتهادى معًا، جاء قرار معالي وزير التعليم بتسمية 14 وكيلة جامعة لشؤون الطالبات في مختلف جامعات المملكة ليكون واسطة العقد في أخبار هذا الأسبوع والختام الجميل لأسبوع حافل بالعطاء في ملف تمكين المرأة السعودية.
لكن، من حقكم علي أن أستدرك هنا وأقول إن فرحتي ولدت ناقصة، فبعد أن انتهيت من متابعة ومراجعة ما سمعناه معا وما قيل في جلسات السيداو وأقارن عظم الفجوة، بل وألوم نفسي على جهلي بما تنص عليه الأنظمة والتعاميم التي صرحت ببعضها السيدات الفاضلات اللواتي مثلن المملكة في جلسات السيداو من أن السيدات لا يوجد عليهن أي قيود في السكن أو التنقل أو العمل وغيرها وبين ما يحدث فعلا على أرض الواقع إلا لأصحو في اليوم التالي على رفض أحد الآباء لاستلام ابنته بعد خروجها من السجن، بل والتهديد بقتلها إن أطلق سراحها خلافا لرغبته على الرغم من إنهاء عقوبتها. لا أظن هذا الأب كان ليتخلى عن ابنه الذكر مثلا، لكن هذه البنت من وجهة نظره لا تستحق فرصة ثانية للحياة. لكن أليس من العدل أن يقوم القانون الذي قضت هذه الفتاة بموجبه عقوبتها كاملة كما أقرها القضاء بحمايتها من الضياع مرتين، مرة بعد الوقوع في خطأ ما ومرة ثانية بعد التكفير عنه.
استعذت بالله، وقلت لعل لوالدها عذرا لا أعلمه كأن يخاف عليها من بطش إخوانها مثلا. وقبل أن أجهد عقلي بالتفكير في هذا الأب وصلتني رسالة من خريجة متميزة في إحدى مدننا الجامعية الناشئة تطلب فيها المشورة حيال تعنت أهلها ورفضهم تعيينها معيدة في الجامعة بسبب شرط الابتعاث! لم أحر جوابا لهذا السؤال فقناعتي الداخلية أنها جديرة بهذه الفرصة، لكني أم ولا أتخيل أن تحتاج ابنتي لاستشارة غيري في شأن يخص مستقبلها أو أن يشير أحدهم على ابنتي بقرار لم أطرحه معها على طاولة المفاوضات، ويتدخل في هذه المساحة بيني وبينها في غفلةٍ مني. الموجع فعلًا أن هذه الخريجة ليست قاصرا ولم تقترف أي خطأ، لكنها في الأسرة الخطأ في الوقت الخطأ.
عندما نتحدث عن تمكين المرأة وعما تعانيه النساء فهذا لا يعني أنها معاناتنا الخاصة، ربما لو كنا في معاناة لما استطعنا أصلا إيصال أصوات من لا صوت لهن وهذه هي الحقيقة. لذلك أدعمُ المطالبين بتقنين الولاية وإلغائها في بعض الأمور بل وأجدها عادلة جدا وتحمي المرأة من الممارسات المتسلطة بلا مبرر إلا شيطنة المرأة واعتبارها أصل الشرور وعارا يجب إخفاء اسمه ورسمه.. هذه الفكرة يجب أن نكافحها جميعا كما كافحنا الطاعون الأسود كل حسب قدرته..
برأيي أيضا أن الأمر يحتاج إلى نقطة نظام عاجلة؛ يعي فيها الجميع أن الدولة حفظها الله مسؤولة عن الرعايا ذكورًا وإناثًا، وأنهم جميعا مشمولون بمظلة العدالة وسطوة القانون ومنظومة القيم الأصيلة المعتدلة التي يؤكد قادة هذا البلد حرصهم عليها بالفعل والقول ولله الحمد، برأيي أن ما تمت زراعته في أذهان البسطاء بل وحتى المتعلمين ممن لم يتجاوز تعليمهم استظهار ما في الكتب والتظاهر بما يناسب المرحلة حول المرأة من أفكار معتلة يجب عرضه على القانون والمنطق وحمايته بالأنظمة لحين التعافي الكامل من حالة الوسوسة المرتبطة بكل ما يخص المرأة. بالمناسبة، هل قلت لكم إن العالم احتفل أمس بيوم المرأة العالمي؟ كل عام وسيدات هذا الوطن للمواطَنة كاملة الأهلية أقرب.