في الشهر الماضي، دخلت الشرطة والمحققون في جابون مكاتب شركة «فيوليا»، وهي مجموعة فرنسية للمياه والطاقة، في جابون، وسط أنباء تفيد بأن الحكومة قد استولت على أصول الشركة. وردت شركة فيوليا بغضب، قائلة إن نزع الملكية سيجعل الشركات متعددة الجنسيات تفكِّر مرتين في استثمارات طويلة الأجل في إفريقيا. ورفضت الشركة بشدة الاتهام بتقصيرها في توفير المياه، قائلة إن توفيرها للمياه يفي بمعايير منظمة الصحة العالمية ويتجاوز المعايير المطلوبة من قبل الجابون.
وبعد بضعة أيام، وعلى بعد 2500 ميل عبر القارة الإفريقية، أعلن رئيس جيبوتي أن حكومته قد أنهت امتياز موانئ دبي العالمية، مشغل محطة حاويات «دورالة». وغضبت سلطات موانئ دبي العالمية، إزاء «إنهاء الامتياز»، قائلة إنها ستقاضي جيبوتي عن الأضرار. وظل الجانبان في حالة خلاف منذ سنوات. وتزعم الحكومة الجيبوتية أن موانئ دبي العالمية قوَّضت عمدا ميناء جيبوتي بإنشاء مرفق منافس في أرض الصومال المجاورة. وفي غضون أيام من إلغاء عقد موانئ دبي العالمية، وقعت جيبوتي صفقة مع خطوط المحيط الهادئ الدولية في سنغافورة تقول إنها سوف تزيد البضائع عبر محطة حاويات «دورالة» بمقدار الثلث.
وفي الواقع هذه ليست حوادث معزولة تماما عن دول إفريقيا الأخرى، ففي العديد من بلدان القارة تتخذ حكوماتها موقفا أكثر صرامة تجاه المستثمرين الأجانب، حيث بدأ رئيس تنزانيا جون ماغوفولي عملية واسعة ضد شركة «أكاسيا ماينينغ» البريطانية متهما إياها بتمزق اقتصاد البلاد عن طريق عدم الإعلان بشكل روتيني عن كمية الذهب التي تصدرها. وقال ماغوفولي إنه يطالب الشركة بصهر وصقل خام الذهب في تنزانيا. وتقول الشركة البريطانية إن ذلك لا معنى له اقتصاديا. وأعلنت شركة أكاسيا عن خسارة قدرها 700 مليون دولار في عام 2017 بعد تخفيض قيمة أصولها في تنزانيا. وهي تنكر بشدة الاتهام، وتركِّز الآن نظرها على بيع الشركة إلى منافس صيني.
وحينما توقِّع الحكومات ذات السيادة عقودا مع مشغلي القطاع الخاص هناك احتمال حدوث خلاف. ومن الصعب الحصول على الشراكات بين القطاعين العام والخاص حتى في البلدان المتقدمة والمنظمة بشكل جيد مثل المملكة المتحدة. وتزداد الصعوبة في البلدان التي يكون فيها الإطار المؤسسي ضعيفا، والتي كثيرا ما تفتقر إلى المساءلة.
تحدث رئيس غانا، نانا أكوفو– أدو، عن القارة الإفريقية عند لقائه نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلا إن البلدان الإفريقية تريد الاعتماد على ثرواتها -وليس المساعدات الخارجية- لإبعاد نفسها عن الفقر. وهذا يعني، في المقام الأول، مزيدا من الحفاظ على ثرواتها في بلدانها، وهو هدف يتطلب سياسات أفضل، وصفقات دون فساد مع المستثمرين الأجانب.
ديفيد بيلينج - مدير تحرير الشؤون الآسيوية والإفريقية صحيفة (الفاينانشيال تايمز) – البريطانية