الفن باختلاف أشكاله وألوانه لغة عالمية تجوب العقول النيرة، فهو رسالة قد تجد مكانها ضمن صفحات التاريخ في حال وصوله إلى مرحلة ملامسة الأرواح. تبرز أهمية الفن وعلى وجه الخصوص الموسيقى في كل لحن ونغمة تلعب على أوتار الحنين النوستالجية، وفي كل إيقاع جديد وأهزوجة تخلق لها مكانا في حاضر ومستقبل الإنسان.

كإنسانة متيمة بالفن لم يسعني سوى أن أذكر مدى سعادتي بأعمال هيئة الترفيه المتميزة، والدور الحيوي الذي تشغله في جميع أنحاء المملكة، فنحن اليوم أسعد وأكثر انفتاحا على فنون وأنشطة عالمية تثري وقت الفرد والعائلة، وتجمعهم معا ضمن إطار فريد. لم أتصور أن روزنامة الترفيه السعودي ستتميز بهذا القدر في هذه الفترة الوجيزة، بل إنني أتطلع إلى ما ستصل إليه في المستقبل، وفي هذا الصدد يتساءل البعض عن موضع (الفن السعودي) من تلك الروزنامة، فلقد شهدت مدينة الرياض أول حفل غنائي نسائي أحيته فنانة عربية غير معروفة (ليس لها أغان خاصة بها)، ولم يسمع بها الحاضرات من قبل، فلقد كان سبب حضورهن هو الحفل وليس لمن سيحييه، بل إن بعضهن ذكرن أنهن سيذهبن إلى الحفل وإن لم يكن هنالك فنان!

لم أستغرب حين سماعي ذلك باعتبار أنه الحدث الأول من نوعه في المملكة، إلا أنني استغربت غياب الأصوات السعودية الأصيلة عن ساحة فعاليات روزنامة الترفيه المتتالية. على سبيل المثال انتشر مقطع لفنانة سعودية شهيرة تشكي فيه عدم إشراكها في المحافل الغنائية على أرض الوطن، وقد كانت ردود الأفعال في مجملها سلبية باعتبار أنها (قلبتها دراما)، وأن ما حدث لا يستحق البكاء بهذه الحرقة، إلا أنني أجد موقفها صحيحا، فلماذا لا نعطي الفنان/نة السعودي/ية فرصة الإبداع في وطنه ما دامت الفرصة مواتية والظروف تسمح بذلك؟

إن التنوع في الفن أمر لا بد منه، ولكن ما فائدة اختبار وتقريب البعيد في حال كان القريب والأولى بالاختبار أولا بعيدا؟ شخصيا، لم يسبق لي الذهاب إلى حفلة غنائية لمحمد عبده أو عبادي الجوهر وهما على قائمة الفنانين الذين أتمنى حضور حفلاتهما، فلماذا أذهب إلى حفل فنان صاعد لا أنتمي إلى جيله عوضا عن فنان لامسني وما زال يلامسني بفنه؟ إن جهود هيئة الترفيه لا مثيل لها، والقائمون على التنظيم يشكرون على جهودهم كذلك، إلا أن هناك دائما مجالا للارتقاء للأفضل، فالأفضل هنا إتاحة الفرص بالتناوب بين الفنانين، وعدم إقصاء جنسية وتفضيلها على الأخرى، مع تحسس الذائقة العامة والميول الفني الشعبي لملاقاة الأهداف المرجوة نحو ترفيه لا ينسى ويبقى في الأذهان.