هيفاء العتيبي
بطبيعتنا كبشر نحلم بألا تقف طموحاتنا عند عتبة الانتظار، ولا تنضب أمنياتنا ولا يجف نبعها، نريد الغنى والصحة والكمال في كل ما نسمو إليه، نلح بالدعاء، وإن تحقق جزء لا نكتفي لأننا نريد المزيد... ولو تعمقنا قليلا «لوجدنا أن القليل يكفي إذا توشحنا بالقناعة ورضينا بما قسمه الله لنا، سنكون أكثر سعادة، وبالقليل سيكون الشعور مختلفا، ليست السعادة بكثرة الأشياء حولنا وإنما بمدى قناعتنا بها، قد تكون أحلامنا عظيمة وبمجرد أن يتحقق جزء منها وبإرادتنا نعيشها بسعادة ونستمتع بها أو نعترض عليها ولا نستفيد منها».
هنا قناعتنا هي الفارق لأننا سنبني عليها الإحساس بالاكتفاء من الأشياء أو الإحساس بعدم الرضا والنهم في طلب المزيد، الذي سيترتب عليه الطمع، وهو شعور ينافي الأريحية، لأننا نعيش ونحن غير راضين عن حياتنا ناظرين لما لدى الآخرين، متذمرين، نسلط الضوء على ما يملكون طامعين أن يكون ما لديهم لدينا، متناسين أن لدينا أشياء قد لا يملكها غيرنا.
وقد تتحول مشاعرنا من عدم الرضا إلى الطمع، وقد ينتهي بنا المطاف إلى أن نحسد الغير على النعم التي لديه، ونتمنى زوالها لتتحول جماليات الشعور بداخلنا إلى مشاعر مكتظة بالبشاعة، تنعكس على نظرتنا للحياة، وحتى على ملامحنا ليكون العبوس بديلا عن الابتسامة، وتصبح حياتنا سوداوية لا نرى فيها إلا الجانب السلبي المظلم.
كن قنوعا بحياتك وبكل تفاصيلها، وهذا لا يمنع أن تكون طموحا، والقناعة لا تنتفي مع الطموح، لأن القناعة هي مدى رضاك عن حياتك، والطموح السعي لتغيير وضعك للأفضل مع الاقتناع بما وصلت إليه.
لا تجعل منظورك للحياة يرتكز على ما لدى غيرك، ومن هم أعلى منك فربما هناك جوانب مظلمة في حياتهم لا تعرفها، فليس كل ما يظهر لك حقيقة كاملة، وبنهاية مطاف الحديث تأكد أن قليلا من الماء ينقذك، وكثيره قد يغرقك! تعلم دائما أن تكتفي بما تملك وأن تكون قنوعا بما لديك.