الكثير من حوادث جازان المرورية التي سلط الإعلام الأضواء عليها خلال الأيام الأخيرة، لم يكن آخرها حادث سامي النعمي الذي فقد 6 أبناء وَزوجته، وتفاعل معه المجتمع، وحادث دهس دراجي نادي اليرموك الذي ذهب ضحيته العديد من الشباب، وغيرها من الأحداث الأخرى التي قام صحفيو جازان بتغطيتها بمهارة واحتراف، وكانت تغطياتهم الصحفية من أهم الأحداث اليومية والأسبوعية التي يتداولها الإعلام السعودي، تسليط الأضواء الإعلامية على أحداث منطقة جازان لا يعني أنه لا توجد أحداث هامة في المناطق الأخرى، وعندما فقد سامي النعمي 6 من أبنائه وزوجته في حادث مروري واحد، أجزم أن هناك العديد من حوادث المرور الأكثر شناعة في المناطق الأخرى، ولكن لم تتم تغطيتها بالشكل اللائق والمطلوب، ولست بالخبير الجدير بتقييم أداء صحفيي المناطق، ولكن لو وجهت السؤال لأي رئيس تحرير صحيفة سعودية من هم أنشط صحفيي المناطق في صحيفتك؟ أعتقد أن صحفيي منطقة جازان سيكون لهم النصيب الأكبر من الإجابات.

 والأحداث الهامة التي تقع في مناطقنا عديدة وبعضها هام للغاية، ولكن لا تتم تغطيتها أبدا، أو تتم تغطيتها بشكل غير جيد، وذلك لأن من يقوم به صحفيون غير متفرغين للعمل الصحفي، مثلهم مثل أغلبية المجتمع الصحفي الذي يعتمد على المراسلين المتعاونين، وإلا لرأينا رؤساء التحرير ينتدبون الصحفيين النشطين للعمل في المناطق التي لا تحظى بالتغطيات الصحفية الكافية للحصول على المزيد من المواضيع الهامة والجديرة بالاهتمام.

يقول توم ستوبارد: «ما زلت مؤمنا بأنك إذا أردت أن تغير العالم فالصحافة سلاح فوري وأسرع». ونحن الآن في زمن التغيير، حدثت تغييرات هامة في السعودية، ومازالت تحدث، والصحافة أقوى سلاح لهذا التغيير، فهي الطريق إلى كل مسؤول مقصر في واجباته ومهامه حتى يتم تكليف من هو أجدر منه ويستحق الثقة، والصحافة هي الطريق للرأي العام، والذي يهمنا صناعة رأي يواكب تطلعات القيادة لإحداث التغيير الإيجابي من أجل مستقبل وطننا وتحقيق خططه. من أبسط التغييرات التي نقوم بها الآن هو دق المسمار الأخير في نعش التستر، بفرض رسوم الإقامة، وسعودة 12 نشاطا يشمل جميع المهن ابتداء من العام الهجري القادم، وسيتم تنفيذ التوطين في محلات السيارات والدراجات النارية، ومحلات الملابس الجاهزة (أطفال ورجال)، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، ومحلات الأواني المنزلية اعتبارا من محرم 1440هـ، وسيتم توطين محلات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ومحلات الساعات، ومحلات النظارات في ربيع الأول 1440 هـ، فيما سيتم توطين محلات الأجهزة والمعدات الطبية ومحلات مواد الإعمار والبناء، ومحلات قطع غيار السيارات، ومحلات السجاد بكافة أنواعه، ومحلات الحلويات اعتبارا من جمادى الأولى 1440 هـ، ورغم ذلك لم نشاهد حتى الآن أي تغطيات أو تقارير صحفية تواكب هذه التغييرات، مثل أسباب التغيير وتأثيراته على التاجر والاقتصاد الوطني وغيرها، لم نشاهد صورا للعاملين في هذه القطاعات، ولم نطلع على آرائهم. ورغم جاذبية التقارير الميدانية للمتابعين للأحداث الهامة إلا أنها متروكة لاجتهادات الصحفيين المتعاونين الذين تشغلهم أعمالهم الرئيسيّة عن التعاون مع صحفهم لمواكبة هذه التغييرات بشكل ميداني شامل ودقيق يعكس للرأي العام والمسؤول حقيقة ما يحدث في السوق والشارع وحقيقة سلبياته، وهل نتج عن هذه القرارات ما يحقق الأهداف التي اتخذت من أجلها.

أعلم أن الحديث عن إيجاد صحفيين متفرغين يصعب تطبيقه في ظل أزمة الصحافة المالية التي يمر بها العالم الآن، وخاصة الصحف الورقية، ولكن الصحافة هي سلاحنا للمضي نحو الأمام.