بداية، أعترف بأنني اختطفت هذا العنوان الصارخ عنوة من إحدى الموسوعات العالمية الشهيرة التي تنشر سنوياً سلسلة متنوعة من المواضيع والأفكار في مختلف المجالات والفنون والآداب، وتمتاز هذه الموسوعة باختيارها الذكي والمثير لعناوين سلسلتها الشهيرة كهذه العناوين الغريبة "100 Movies to See Before You Die، 100 books to read before you die ، 100 Websites You Need to See Before You Die". كل ما فعلته هو أنني "سعودت" أحد هذه العناوين الرائعة بما يتناسب مع فكرة هذا المقال، وذلك تضامناً مني مع مبدأ السعودة الذي طال ـ أو هكذا يقال ـ العديد من المجالات والقطاعات الحكومية والخاصة. وكما هو معلوم، فإن العنوان يلعب دوراً مهماً في جذب واستدراج القارئ، مهما كان هذا القارئ، كما يُسهم أيضاً في وضع المنتج المراد تسويقه في دائرة الضوء والاهتمام والمنافسة.
بهذه المقدمة البسيطة، أو لنقل الاعتراف، أحببت أن أبدد بعض الهواجس والشكوك التي قد تُثار حولي من هنا أو هناك.
أعود للعنوان أعلاه، ما هي الأمنيات العشر التي يُريدها السعودي قبل أن يموت، سؤال كبير ومثير يُلخص حجم الآمال والتطلعات والطموحات التي يحملها أبناء هذا الوطن الكبير، وطن يحسده القاصي قبل الداني لثرائه العظيم، سواء المادي أو البشري أو التاريخي. وحتى لا أبدو أنانياً وممعناً في التنظير، خرجت بهذا السؤال من دائرة الذات الضيقة إلى فضاء المجتمع، وهنا كانت الصدمة الكبرى التي لم أكن أتوقعها، ولا أظن غيري كذلك. سألت الكثير، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، مثقفين وبسطاء، سألت عينات مختلفة من شرائح وفئات المجتمع السعودي. كنت أنتظر إجابات أعرفها عن ظهر قلب، قائمة طويلة لا حصر لها من الآمال والأحلام والأمنيات والتطلعات، ولكن يبدو أن تلك القائمة الطويلة قد تضاءلت وتقلصت، ولم يبق منها سوى القليل القليل من كل تلك الأمنيات. لقد تخلى أولئك الحالمون عن الكثير من أحلامهم وطموحاتهم ورضوا بما تيسر منها.
أمنيات عشر، هي كل ما يُريدها السعودي الآن، أو هذا ما استطعت جمعه وتصنيفه من تلك القائمة المتواضعة مما تبقى من أمنيات أبناء هذا الوطن. وقد جاءت على هذا النحو: الأولى، سكن مهما كان نوعه وحجمه، ولم يعد قصراً فخماً أو "فيلا" فاخرة، فقط شقة صغيرة تفي بالغرض وأكثر. الثانية، وظيفة، أية وظيفة، أما المكتب بما يعنيه من وجاهة ومكانة وراحة فلم يعد ضمن أولويات البحث عن وظيفة. الثالثة، الحياة الكريمة، وهي أمنية هلامية وفضفاضة يصعب قياسها، ولكنها في الحد الأدنى مطلباً شعبياً. الرابعة، زوجة أو زوج مناسب، هكذا بدون مواصفات أو إمكانات، لقد تم الاكتفاء بمفردة "مناسب" والتخلي عن كل تلك الشروط التعجيزية السابقة. الخامسة، المقعد الجامعي، وهو أحد المطالب والأمنيات التي يُصر عليها المجتمع السعودي ويضعها ضمن أولوياته الرئيسية، خاصة مع وجود برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، حيث يُفضل السعوديون الشباب المقعد الخارجي لأنه أكثر راحة ورفاهية وحرية بعيداً عن عيون المجتمع التي ترصد سكناته قبل حركاته. السادسة، السيارة، وهنا يبدو الأمر مختلفاً بين الجنسين، فالشباب يُريدها أنيقة وجذابة وبسعر يتناسب مع دخله البسيط، هذا طبعاً إذا كان هناك دخل، بينما الشابة قد أجلت هذه الأمنية إلى بعض الوقت. السابعة، السفر الذي يعشقه السعوديون كثيراً ويُنفقون من أجله الكثير، ولم يمنع تردي الأوضاع الاقتصادية للغالبية من التنازل عن هذه الهواية الأثيرة على قلوب السعوديين، نعم لم يعد المسافر السعودي كما كان مستهدفاً فوق العادة، يُنفق بلا حساب، ويسكن الفنادق الفخمة، ويزور العواصم الكبرى، المسافر السعودي لم يعد كذلك.
أما الأمنيات الثلاث الأخيرة ـ وقد تكون الأولى ـ فأتركها للقارئ الكريم، لا لشيء لا سمح الله، ولكنني كالعادة تجاوزت المساحة المتاحة لهذا المقال.