لم يغب عن المخططين في غرفة الرياض، وتحديداً لجنة الأوقاف في الغرفة أن يأتي يوم كهذا اليوم الذي تقوم به الغرفة بهذا الحشد المجتمعي والاستدارة حول دعواتها لقيام الملتقى الرابع للمهتمين والناشطين في العمل المؤسسي والإبداعي، أعني به الوقف واستدامته كمورد من موارد الاقتصاد في هذه البلاد المباركة، وفي مقدمتها وقف الملك عبدالعزيز على الحرمين الشريفين، والذي يحتضن ثروة مليارية هائلة، جعلها الله مستدامة لإعمار الحرمين والمشاعر المقدسة بتوجيه من قيادة هذه البلاد حتى جاء عهد الرؤية الحكيمة لولي العهد 2030 التي اعتمدت ضمن خطَّتها الوقف كأحد مرتكزات التنمية المستدامة وتخصيص هيئة عامة تعنى به على مستوى المملكة، ثم تعيين محافظ عليها للتأكيد على أن برامج الوقف يجب أن تبدأ الآن بإستراتيجية تحقق رؤية المملكة الطموحة باعتبار أن الوقف أحد الاستثمارات التي تعنى بالتنمية، والوقف في حياة المسلمين أحد أنواع التكافل الاجتماعي والحضاري واستمرار التنمية، فكم سمعنا على مر التاريخ عن الأربطة التي تعنى بالأطفال والأرامل، وتلك الأوقاف التي تصرف مواردها على خدمة الحرمين الشريفين، وكم تسابق رجال الأعمال في المملكة بإنشاء مصارف للوقف وأوعيته التي يعود نفعها على الوطن والمواطن، فها هي المدارس الوقفية والمستشفيات التي وقف بها رجال الأعمال ومشاهيرهم أموالهم تحت تصرف الجهات ذات العلاقة بالمواطن كوزارة الصحة والتعليم والجامعات والإسكان الخيري، بمعنى أن رجل الأعمال السعودي عندما رسُمت له الخارطة نحو مستقبل يعود بالنفع والخير على وطنه، تسابق مع أخيه لتنويع مصادر الوقف وريعه وصرفه، واهتم بالبحث وتكوين اللجان العاملة لدراسة الأصلح والأنفع لهذا الوقف، وأشيد بتجارب ناجحة في هذا المجال، مثل تجربة مؤسسة السبيعي الخيرية، وأوقاف صالح الراجحي الخيرية، وكذا سليمان الراجحي، وغيرها من المؤسسات والشركات التي خصّصت أموالها لنفع الوطن، وبارك الله في رجل الوقف الأول سيدي خادم الحرمين الشريفين الذي غرس بذرة الوقف عندما كان أميراً للرياض بتشجيع كل عمل خيري يهدف إلى نجاح الوقف وتوزيعه على منافع الوطن، واقتدى به الآخرون، وأصبحت سنة حسنة في تاريخ رجل الأعمال السعودي الذي يدعم كل عمل خيري، رجاء ما عند الله، العمل الوقفي اليوم عمل يستحق الإشادة والاهتمام ليكون رافداً استثمارياً يدعم التنمية بأشكالها، وجزى الله أهل الخير والعطاء الذين نسمع عنهم كل لحظة موقفاً يسجل لهم، فهذه جامعة، وهذا فندق، وهذا مستشفى دائم، وآخر متنقل، وسيأتي اليوم الذي تتحقق معه استدامة عطاء الوقف المبارك ليكون شجرة مثُمرة للمحتاجين والفقراء وذوي الحاجة بالتعاون مع قطاعات الدولة التي تدعمها قيادة موفقة بإذن الله.