قامت القيادة الجنوبية للولايات المتحدة، التي تشرف على العمليات العسكرية الأميركية في منطقة الكاريبي، بمساعدة قوات الأمن الحكومية في «ترينيداد»، حيث نصحت الخميس الماضي باعتقال أربعة متطرفين يسعون إلى شن هجوم إرهابي وشيك خلال كرنفال.
ويُشكل الهجوم المزعوم توسعا في التهديد الذي تمثله جماعة «داعش» المسلحة التي دخلت في شبكة من حركات التمرد بعد خسارتها في معاقلها التقليدية في الشرق الأوسط.
بسقوط الرقة في سورية العام الماضي، أعلنت القوات المدعومة من الولايات المتحدة أن العمليات العسكرية الكبرى ضد داعش قد انتهت، وهو ما يُشكل نهاية دولة «الخلافة» التي يدعيها تنظيم داعش الذي ترك الشرق الأوسط الأوسع. ويسأل المجتمع الدولي: ماذا حدث بعد ذلك؟
والتهديد الواضح الذي يظهر في منطقة البحر الكاريبي قد قطع بعض الطرق للإجابة عن هذا السؤال. وسيواصل متعاطفو داعش، مثل أولئك الذين عثر عليهم في جمهورية ترينيداد وتوباجو، دولة صغيرة قبالة ساحل فنزويلا، اتباع وتنفيذ جدول أعمال ثابت.
ظهرت ترينيداد وتوباجو على رادار أجهزة أمن الدولة الغربية في السنوات الأخيرة عندما برزت أن لديها عددا من الأفراد المقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى «داعش» يُعد أكبر من عدد أي بلد في نصف الكرة الغربي. ومما يقلق هو كيف يخطط هؤلاء المقاتلون لاستخدام مهاراتهم المكتسبة حديثا بعد عودتهم إلى ديارهم.
وهذه المسألة ليست جديدة بالنسبة لنا، ففي عام 2011 تم إنشاء حركة باسم «من أجل الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا»، وهي فرع من أكبر فروع «تنظيم القاعدة» الرئيسية في بلاد المغرب الإسلامي، لأن الأفارقة المحليين يريدون تنفيذ هجمات داخل بلدانهم التي ولدوا فيها، ويشمل ذلك السنغال والنيجر ومالي وتشاد. وأعربوا عن استعدادهم لاستغلال مهاراتهم التقنية وأيديولوجياتهم الجديدة المتطرفة لتنفيذ هجمات في أوطانهم على أفضل وجه. وركزوا بشكل خاص على الشخصيات التاريخية في غرب إفريقيا، وهي إستراتيجية لكسب مجندين جدد من مناطقهم وربط أيديولوجيتهم المتطرفة بالواقع المحلي الذي يعيشون فيه.
وتعطي هذه السابقة اهتماما كبيرا لأعضاء المجتمع المدني والقواعد الشعبية في ترينيداد وتوباجو، حيث تجد الأمة هناك استجابة إستراتيجية فاعلة على النحو الملائم.
في أواخر العام الماضي سافرت إلى دولة الجزر الكاريبية لمساعدة المجتمعات المحلية المدنية والمسؤولين الحكوميين لكي يفهموا أولا تعقيدات الحالة والتدابير التي يُمكن اتخاذها لاستقبال الأفراد الذين يُرجَّح أن يعودوا إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب وإعادة تأهيلهم، وكذلك القدرة على الصمود ضد التطرف.
ليس من السهل العثور على الحلول، ولكن مع وجود فرصة للتواصل مع الجهات الفاعلة المحلية، ينبغي أن تتاح للمسؤولين الحكوميين الفرصة لوضع سياسة مركزة وفاعلة لا تدعمها الحكومة فحسب، بل تشمل أيضا نهجا شاملا للمجتمع. ومن المهم إشراك المجتمع المدني والطوائف بين الأجيال والطوائف الدينية، بما في ذلك ممثلون من المجتمعات الإفريقية المنحدرة من ترينيداد وشرق الهند المُسلمة التي تعتبر أصواتها وآراؤها المتنوعة حاسمة لتحقيق النجاح على المدى الطويل في البلاد.
محمد فراسر-رحيم*
* المدير التنفيذي لمنظمة «كيليام» الدولية بأميركا الشمالية
مجلة (نيوزويك) الأميركية