في عالم «واتساب» نستقبل يوميّا مئات الرسائل المتنوعة، بين الحكمة، والطرفة، والمعلومة الطبية، والمقالة السياسية، والتوصيات العلمية... وغيرها.

في بعض الأحيان، هذه الرسائل لها مصدر معروف كخبير أو طبيب في مجاله.

بعض هذه الرسائل عميقة في معناها ومغزاها، وتشعل الضوء في الأنفاق المظلمة في طريق حياتنا، ورغم تكرار هذه الرسائل بصيغ ومصادر مختلفة، إلا أنها تؤكد على النتيجة نفسها.

يظهر لنا جليّا التأثير السلبي لاستخدام الهواتف الذكية والألعاب الإلكترونية على الأطفال، خلال كثير من الرسائل العلمية، والتغريدات التحذيرية، والفيديوهات التوعوية التي ترفع مستوى الوعي حول الآثار السلبية للتقنية الحديثة على الأطفال صحيا ونفسيا، إدراكيا واجتماعيا، ومع ذلك فإن 91 % من الأُسر السعودية تستخدم أطفالها الأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية، و43 % منهم لم تتجاوز أعمارهم 5 سنوات.

وفق استطلاع أجراه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام شارك فيه 1039 مواطنا من الجنسين في منتصف مايو 2017، فإن 4 ساعات هي متوسط عدد الساعات اليومية لاستخدام الأطفال الأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية.

والسؤال: ما البرامج والتطبيقات التي يقضي أبناؤنا أوقاتهم في متابعتها؟

وفقا للاستطلاع، فإن 79 % من الأطفال يفضلون استخدام التطبيقات الترفيهية، بينما 11 % يفضلون برامج التواصل الاجتماعي، ثم 7 % يفضلون التطبيقات التعليمية، وأخيرا 2,5 % يفضلون تطبيقات الهوايات.

50 % من الوالدين أكدوا أنهم يتابعون أطفالهم على فترات متفاوتة عند استخدام الأجهزة الذكية، بينما 7 % لا يتابعون أطفالهم أبدا عند استخدامهم التقنية، و37 % من الوالدين لاحظ أن استخدام أطفالهم الأجهزة الذكية له أثر سلبي عليهم.

أسهل طريقة لتهدئة «شغب» وصراخ الأطفال داخل المنزل هو منحُهم أجهزة ذكية وألعابا إلكترونية؛ ليستقر هدوء البيت، ولتبقى الأشياء في مكانها الطبيعي، وكذلك للمحافظة على أثاث البيت من عبث الأبناء.

هذه الصفقة ليس من شروطها -للأسف- معرفة المحتوى الذي يتابعه الأطفال، وكذلك تحديد الإطار الزمني لاستخدام الأجهزة، فهناك ألعاب الحروب والصراعات، والتي تعتمد على تدمير وقتل الآخرين بطريقة شيقة وحماسية، ومع الوقت بالتأكيد ستعزز العنف، وتفتح عيون الأطفال على أساليب الجريمة.

تشير دراسة قدمتها الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال عام 2017 إلى أن بعض الأطفال يُمنح استخدام الأجهزة قبل البدء حتى بالكلام، وبالتالي هؤلاء الأطفال أكثر عرضة لتأخير مهارات النطق والتحدث، ووجد الباحثون أنه كلما زاد وقت استخدام الأجهزة كان من المرجّح أن يكون الطفل معرضا للتأخر في الكلام واستخدام اللغة التعبيرية.

حالة الإدمان التي يعانيها أطفالنا مع الأجهزة الذكية جعلت شاشة التلفاز والرسوم المتحركة لا قيمة لها، واللعب مع الأقران طريقة تقليدية، وبالتالي فلعزلة الطفل مع هذه الأجهزة آثارها السلبية على نمو الطفل العقلي، والوجداني، والاجتماعي، وكذلك تؤثر على تفاعله النفسي مع محيطه الأسري، لذا ينبغي على الوالدين أن يقضيا وقتا مع أبنائهما بالجلوس والحوار واللعب، وكذلك إدارة المحتوى الذي يطّلع عليه أبناؤهما في الأجهزة الذكية أو الألعاب الإلكترونية.

عَودًا إلى مقدمة المقال، هل ما نستقبله في عالم «واتساب» من فوائد علمية نقرؤه بتأمل وعمق، ونقتنع بالصواب منه، ونطبقه في حياتنا اليومية؟! أم فقط نستقبل ونرسل دون قراءة وتمعن؟!