رجاء في بضعة سطور، كنت البارحة سأتجه به إلى أقرب مركز ترجمة في الرياض لتحويل كلماته وعباراته من الضاد إلى لغة تشي جيفارا وإن كنت أعلم أن تكلفة مثل هذه الترجمات باهظة، لكن من أجل من أكتب الرجاء نتناسى هذه التكلفة.
هذا الرجاء لم تبرز فكرته بعد مباراة أو مباراتين، أو موسم أو موسمين، لكن منذ تعرفت على هذا الفريق منذ عام 1992 وأنا أفكر به، إنه رجاء أوجهه إلى كوكبة كروية وصفها أدق وأبخل محللي الكرة الأوروبية بالألقاب أو بالأوصاف القيمة ما عدا هذا الفريق المثالي للقرن الحادي و العشرين كما يقول القيصر فرانز بيكنباور العام الفارط.
رجائي أريد أول من يقرؤه العبقري تشابي هيرنانديز، فهو منجم إبداع لا ينضب، إنه آفة المنافسين ومنغص أحلامهم وتطلعاتهم وفرحهم، واسألوا البرتغالي المغرور قبل أسبوعين كيف نتف ريشه كما لم ينتف من قبل بعد استعراضات كلامية وفقاعات صابون صدرت من أشداق مدمن المادة الأول بين مدربي العالم كما وصفه مدرب سبورتينج خيخون في المشادات الكلامية بينهما.
أقول: عزيزي تشابي، لقد كرهتنا يا رجل بكرة القدم، وجعلتنا لا نرتوي نغما كرويا من سواك، وبتنا لا نرى تمريرة إلا بمواصفات قدميك الساحرتين المبهرتين، فيا لك من مبدع مسرف.
ومن بعد العبقري من الضرورة أن يمر رجائي المتواضع على ناظري الأسطورة الثانية ليونيل ميسي، فأزيد له على ما قلته لزميله تشابي، "أطلب منك أيها اللاتيني النكهة الإسباني الجذور أن تمنح الآخرين فرصة التنفس في فضاء الكرة الذي لم تجعله فسيحاً لسواك ونخبة قليلة جداً من كوكبة البارسا معك، امنحهم برضاك قسطاً من الحراك الذي توقف من دون ايماءاتك وتحركاتك وتجاوزاتك وتمريراتك وتصويباتك، إنهم ينتظرون فسحة منك ومن زملائك بقيادة المايسترو بيب جوارديولا، واجعلها هديتك مع قرب انقضاء عام جريجوري بهيج يستحق منك الزكاة عن موسم مثالي، وسيحفظها لك عشرات الملايين من لاعبي كرة القدم الذين ركضوا وركضوا وتدربوا وأنزلوا أطناناً من العرق لكنهم ظلوا في فيافي ظلال إبداعاتك لم يرهم أحد ولم يشعر بحراكهم وتحركاتهم وتسديداتهم وحتى أهدافهم أحد.
القارئ الثالث الذي آمل أن يصله رجائي، المبدع ورسالة (لا ماسيا) كما عبر عن ذلك جوارديولا، وأعني به أندريس انييستا، وأقول له: رحمة بنا يا أمهر لاعب في عالم الكرة اليوم، ودع لنا مجالاً نرى فرقنا ومنتخباتنا لو لشوط واحد، فقد سلبت قلوبنا وعقولنا، وفرضت شكلاً ومضموناً في الأداء الأخاذ لم نعرفه من غيرك، ولم نتلذذ بمثله كما نحن تلذذنا واستمتعنا بلمساتك وسحرك المذهل حينما تأتيك الكرة طائعة غير مرغمة وإنما محبة وشغوفة بأسلوب استلامك وتمريرك وتسديدك المرهف، ولئن طلب مانشستر سيتي خدماتك بـ100 مليون يورو كأعلى قيمة لاعب كرة قدم في التاريخ، فإنه على خرافية الرقم إلا أنك تستحق أرقاماً لا تقاس بخانات ويوروات أو دولارات أو إسترليني، فما تقدمه لا يقدر بثمن، وما تجده الأبصار بحرفنتك ومهاراتك وحسك ينسي العقول كل الأرقام، وتبقى بهذه الخاصية كنزاً يستحيل على فريق بمكانة البارسا أن يفرط فيك مهما بلغت المغريات فما عرف عن أبناء برشلونة من أيام جامبر إلى روسيل أنهم لا يعبؤون بالمال والشهرة بقدر ما يعنيهم الانتساب إلى قلعة ثقافية واجتماعية قبل أن تكون كروية رياضية. هنيئاً للبارسا بك ونظرائك، فأنتم النموذج المثالي لفريق كرة في هذا القرن.
رجاء يا مبدعي البارسا.. كفى كفى.. لقد كرهتمونا في كرة قدم تأتي من سواكم.