في تصعيد خطر للأزمة السورية قتل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عشرات المقاتلين الموالين لبشار الأسد، في استخدام نادر للغارات الجوية ضد القوات السورية المدعومة من الحكومة. وقال التحالف إن الضربات نُفذت للدفاع عن حلفائه.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، أن 45 مقاتلا قُتلوا، بينما حاولت قوات النظام التقدم باتجاه جزء من المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في شرق سورية. وقال مسؤولون أميركيون إن حصيلة القتلى وصلت إلى 100 شخص من قوات موالية للنظام السوري في قصف مدفعي وجوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مما يُعطي مؤشرا عن: كيف أن الحرب الدائرة في سورية منذ سبع سنوات يُمكن أن تنتهي إلى نزاع أوسع بين القوى الكبرى.

ويبدو أن الحادثة الأخيرة كانت لصد هجوم أرضي يهدف إلى اختبار مدى رغبة واشنطن في الدفاع عن وجودها العسكري في شرقي سورية. أما هجوم القوات الموالية للنظام السوري، الذي استهدف، حسب ناشطين محليين، وحدات من قوات سورية الديموقراطية يقودها مقاتلون أكراد وتُحظى بدعم واشنطن، فقد كان يهدف إلى إجبار واشنطن على سحب قواتها الخاصة من المنطقة الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، فضلا عن كونه جس نبض لمدى إمكانية إعادة سيطرة النظام في دمشق على كامل مساحة البلاد. وكان الهجوم أيضا محاولة لاستثمار العملية العسكرية التركية ضد حلفاء الولايات المتحدة من الوحدات المسلحة الكردية في شمالي غرب سورية.

ويرى البعض أن مقتل هذا العدد من القوات الحكومية السورية وحلفائها يُمثل إهانة لبشار الأسد قد تثير مواجهة بين الأميركيين والروس الذين يدعمون نظامه، وأن التصعيد في النزاع بات يُمثل خطرا حقيقيا.

 ولقد حافظت الولايات المتحدة على اتصالات مع مراكز القيادة الروسية الميدانية في المنطقة خلال الهجوم لمنع اندلاع أي مواجهة، كما فعلت من قبل في تنسيق ضرباتها الجوية ضد مسلحي تنظيم «داعش».

ويبدو أن الروس يلعبون لعبة مزدوجة، إذ يحرصون على الظهور بمظهر الحلفاء في قتال تطرف تنظيم داعش، وصناع السلام المستعدين لدفع حكومة الأسد باتجاه المصالحة الوطنية، لكن خطط سلامهم، في الحقيقة، باتت الآن تعمل بالاتفاق مع إيران وتركيا على استبعاد أي دور غربي في المنطقة.

ومثلما حدث في الحالة الأفغانية، فإن خروج القوات الأميركية من سورية سيخلف فراغا، سيسعى تنظيم «داعش» الذي اختفى تحت الأرض ولم ينته كليا إلى استغلاله، حيث ينبغي أن يكون دور الولايات المتحدة الرئيسي في فوضى ما بعد «دولة خلافة داعش» هو الحفاظ على استقرار وأمن المنطقة، وينبغي على موسكو وأنقرة أن تقبلا هذا الدور.


صحيفة (التايمز) - البريطانية