غالبنا تقبّل فكرة القيمة المضافة، بحكم المبلغ المتوسط الذي نعتقد أن لدينا القدرة على دفعة. غير أن جولة تسوُّق بسيطة تريك مدى الاستغلال المتقن لهذه القيمة من بعض أصحاب المحلات والمتاجر والمطاعم، أضف إليهم مكاتب تأجير السيارات والشقق، وغيرها كثير.
وأنت دون أية معرفة ترضخ للدفع، لأنك في حالة الامتناع لا تملك من الأدلة أو المعرفة ما تستند إليها، وبالتالي ستدفع .
والحقيقة، أن الشعور بأنك واقع تحت طائلة الاستغلال الدائم من هؤلاء مريرٌ جدا، خاصة وهم يأخذون حصة من قوتك، إن قلّ أو كثر، فلا تكاد تفرح بعلاوة أو زيادة، إلا وهم لها بالمرصاد، وهذا ليس بجديد.
وعلى الرغم من كل الشكاوى والاعتراضات على تلك الممارسات الجشعة، إلا أن الوضع يتطلب التغيير للأفضل، وقد تصطدم بمقولة: لست مجبورا على الشراء، واكتفِ بالتهام المعروض بالنظر!.
ولا نقول إن حماية المستهلك لا تهتم للأمر، ولكن الواقع يقول إن سلطتها ضعيفة، وليس من خشية وخوف، وليتها تنقل عملها إلى الميدان لترى الحقائق على الواقع، وتبصّر المواطن الجاهل بموضوع القيمة المضافة، كيف تُدفع ولمن، بل وتجبر كل صاحب محل أو كشك أو حتى بسطة، أن يوضح خلال لافتة بارزة السلع المشمولة بالقيمة، وأن تختم اللوحة أو ما تراه بختم الجهة الرقابية تلافيا للتزوير، وتوضيح ما إذا كانت مشمولة أم لا؟، وبعدها يكون المستهلك حرا فيما يشتري، من واقع المعرفة وليس الحيرة والتشكيك. ولندرك أن الوضع -إن استمر على ما هو عليه- فإن أُسَرا ستتضرر، والمدخول لبعضها لن يكفيها حتى منتصف الشهر، والدولة لم تقصر في معالجة الأمر، وبقي دور الجهات المعنية بالمتابعة الميدانية، ومبادرة المواطن الواعي بالغش التجاري إلى الإبلاغ عن التجار المتنصلين عن القيام بدورهم تجاه الوطن، فهم ليسوا جديرين بالمراعاة مطلقا.
مشكلتنا الأكبر أثرا، أن وعينا الاقتصادي محدود جدا، إلى درجة أنه لا يمكننا فهم الواقع وتوظيفه حسب احتياجنا، وصولا إلى إرغام التجار على محاولة كسب رضا المستهلك، لأن ربحه وخسارته يعتمدان عليه بالدرجة الأولى، وما هو واضح أن هناك توظيفا جيدا لعدم استيعابنا التغيرات الاقتصادية وما يترتب عليها من بعض التجار -مع الأسف- وهم يغيّرون سياستهم سريعا، ومع أي حدث، ونحن نظل كما نحن، الطريقة والأسلوب كلاهما، وحتى عدم الإدراك بأهمية كل هللة نصرفها، والى أين تذهب، والمقابل لها؟
ولنأخذ مثلا العملة المعدنية، وهي تعود للتداول، إذ إننا لم ندرك أهميتها حتى الآن، وقد تظل مكنوزة تنقل من حافظة نقود إلى أخرى، حتى يكسوها الصدأ، لأننا نعدّها بلا قيمة، فماذا نستطيع أن نشتري بـ15 هللة أو 50، حتى غالبنا قد يتعمد تركها للمحاسب دون اهتمام، وهناك من لديه أمانة منهم، فيصرّ عليك أن تأخذها ويسدي لك النصح حول فائدتها، وأنها من حقك، وقد تحتاج إليها حتما، وغيرهم يعجز كعجزك، فلا يبالي إن أخذتها أو تركتها، ففي النموذج الأول تشعر أنك أمام شخص وطني جدا يهتم لأمر وطنه ومواطنيه، ويتعاطف معهم، غير مالك المحل الذي يهمه الربح فقط في العادة، وتحت أي طائل.
والحيرة التي وقعنا فيها، كانت بسبب عدم المعرفة الكافية بالقيمة المضافة، وأننا لم نتعامل سابقا مع نظام الضريبة، ولم نسع بجدية إلى فهم الإجراء وطرق تنفيذه، وهذه مشكلة نعانيها، وهي أننا نقبل الجديد دون أن نسأل عن خلفياته، وكأننا نتلذذ بالشعور المصاحب لأي سلوك تفعله ، والفكرة هنا ليست في الرفض والمقاومة وإنما في الفهم لحماية أنفسنا من الاستغلال وعدم التغاضي عن أي متحايل، خصوصا أولئك الذين بادروا إلى رفع أسعار السلع الاستهلاكية، وفوقها تحصيل القيمة المضافة، ولن نعيد أن ذلك مخالف وجرم في حق المواطن، لكن من أمن العقاب أغلظ في الجرم، وهذا باختصار ما يحصل الآن من بعض المحلات والأسواق دون رقيب، بل الكل ينتظم في الدفع، لأنه لا خيار لديه، وكم من الأشخاص الذين تلمحهم وهم يتفحصون فاتورة مشترياتهم، حول المبلغ الكبير الذي دُفع نظير سلع قليلة العدد، غير أنها ضرورية وليس باستطاعته الاستغناء عنها أو استبدالها بأخرى.