نشرت إحدى الصحف المحلية الأسبوع الماضي، تقريرا صحفيا عن وجود شبهات وحالات تجاوز وتزييف في تصنيف عدد من الممارسين الصحيين، نتيجة الواسطة وصلات القرابة مع عاملين في الهيئة السعودية.

وذهب التقرير إلى أن أسطورة «صمام أمان القطاع الصحي» تصدعت أمام الوثائق التي تثبت التجاوزات والخلل.

وحتى نكون منصفين في طرحنا ونقدنا للقضية، فلا نبالغ أن نقول إن الأمر لا يقتصر على التصنيف، بل هناك معلومات تحدثت عن الحصول على ساعات تعليم مستمر دون حضور دورات تدريبية فعلية.

ولا يقتصر الأمر على أنشطة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فالحصول على شهادات الإنعاش القلبي الرئوي الأساسية أحيانا، ربما يكون متاحا دون حضور تلك الدورات واجتياز اختباراتها.

ورغم ندرة هذه التجاوزات، إلا أنها تكتسب أهمية لأنها تتعلق بممارسين صحيين تكون لهم صلاحية التعامل مع الحالات المرضية والإشراف عليها.

إلا أن هذه التجاوزات لا تلغي الدور الفاعل والمهم للهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فعلينا أن نعترف أن الهيئة اكتشفت عشرات الآلاف من الشهادات المزورة، وأوقفت المئات من الممارسين الصحيين عن العمل في المجال الصحي.

إن أي نظام رقابي لن يكون مكتملا ومنزها من العيوب، إلا عندما يكون برنامجا إلكترونيا مكتملا، لا يمكن للعامل البشري والعواطف أن تتدخل فيه، كما يجب ألا نعمم الأخطاء الفردية على العمل المؤسسي.

كذلك فإن عملية النقد الهادف يجب ألا تركز على إبراز النقائص والعيوب فقط، بل يجب أن يكون النقد متوازنا شاملا للنقائص والفضائل.

إن النقد الهادف، هو عملية لتقييم وضع قائم، وإيجاد حلول خلّاقة لمجموعة من العوائق في إجراءات وسياسات العمل. كذلك فإن عدم رد مسؤولي الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وتفنيدهم تلك الاتهامات، أعطى لذلك النقد تفوقا وانطباعا عاما بوجود خلل في المنظومة، ولعلنا هنا نتذكر مقولة مارتن لوثر كينج «لست فقط محاسبا على ما تقول، أنت أيضا محاسب على ما لم تقل، حيث كان لا بد لك أن تقول».

إن عملية التدقيق في مؤهلات الممارسين الصحيين يجب ألا تكون مهمة الهيئة السعودية منفردة، بل يجب وجود مؤسسات أخرى تعمل جنبا إلى جنب مع الهيئة السعودية، للوصول إلى الأمان الصحي المطلوب، وعليه يجب أن تقوم المنشآت الصحية بدورها في توثيق المؤهلات العلمية، والتأكد من مصادرها، ومخاطبة الجامعات والمراجع العلمية، وهذا ما يركز عليه المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية «سباهي»، إذ إن أحد أهم معاييره الأساسية هو قدرة المنشأة على التوثيق، والتأكد من المؤهلات العلمية والقدرات العملية، قبل تفويض الممارس الصحي بالتعامل مع المرضى.

ويشترط لذلك مخاطبة الجامعات مصدر الشهادة، سواء كانت جامعات داخل أو خارج الوطن، كذلك مخاطبة المركز المسؤول عن إصدار التراخيص الطبية للممارس الصحي في بلده، وهل ذلك الشخص مرخص له أم لا؟.

ولعلني هنا أذكر قصة طبيب يحمل جنسية غربية مشهورة في الطب، فقامت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بمخاطبة الهيئة المماثلة في ذلك البلد الغربي، وكانت النتيجة أن الترخيص لذلك الطبيب سُحِب منه، وغير مسموح له بالعمل، فتم إيقافه وإنهاء عقده.