قبل سنوات وفي إحدى المدن الأوروبية لفت نظري عدد من المجسمات المتناثرة.. أثارت استغرابي لأنها تتركز في هذه البقعة أكثر من غيرها.. كدت أتجاوزها حينما اكتشفت لآخر وهلة أنني جوار مقبرة وأن هذه التي أعجبتني هي أضرحة الموتى!
لا شك أن الإسلام حرّم البناء على القبور.. لكن هذا لا يعني أن لا تكون مقابرنا جميلة!
اليوم في بلادنا أسوأ الأماكن التي نمر بها هي المقابر مع الأسف الشديد.. لا شيء فيها ولا حولها يضفي على المكان حرمته ولا هيبته.. يشعر الإنسان بالوحشة حال مروره جوارها.. بل إننا نمر جوار المقابر ولا نعلم هل نحن جوار مقبرة أم جوار أرض لأحد الأثرياء؟!
سور طويل باهت.. أرصفته تخلو من الأشجار.. وكأن الشوارع والأرصفة المحيطة بالمقابر كتب عليها هي الأخرى الموت!
بعض أسوار المقابر مليئة بذكريات المراهقين و"شخبطاتهم".. ويعيش النصر ويسقط الهلال..!
نحن بحاجة لوقفة جادة لتصحيح أوضاع المقابر في بلادنا.. إما أن تزال الأسوار ويشاهد الناس قبور أهاليهم وأصدقائهم كلما مروا بها..
أو يتم الاهتمام بهذه الأسوار وتطمس العبارات الخادشة لحرمة الموتى عليها، ويتم استبدالها بدعاء المقابر بخط كبير يغطي مساحة السور.. على الأقل نحن نريد أن نعرف أننا نمر جوار مقبرة.. كي نتوقف عن الحديث ونسلم وندعو للموتى، وكي نخفض صوت الموسيقى احتراما للمكان..
النقطة الأهم ـ وهذا اجتهاد مني ـ يجب السماح للناس بوضع شاهد صغير يكتب عليه اسم الميت حتى يتمكن الناس من معرفة قبور أهاليهم عند زيارتهم.. مؤلم أن يدفن الإنسان والده ولا يعلم أين قبره بعد شهرين!
ـ نسبة كبيرة جدا من السعوديين اليوم لا يعرفون قبور أقاربهم وأصدقائهم، ولذلك ليس لزيارة المقابر عندهم أي قيمة!.