إنه موقف لا يحسد عليه الاقتصاد السعودي أن نرى 300 ألف فتاة يتقدمن للمنافسة على 150 وظيفة، في نفس الوقت نقرأ في صحيفة الوطن تقريراً عن وجود 305 آلاف وظيفة في المبيعات مشغولة بغير السعوديين.
وبالمناسبة أصدر مركز الدراسات والشؤون الإعلامية بالديوان الملكي تقريرا تحليليا عن وضع المملكة وتراجعها في سباق التنافسية العالمية في دافوس، تضمن توصيات أهمها تطوير التعليم والتدريب، لتتواءم مخرجاتهما مع متطلبات سوق العمل.
توصية كهذه ستتطلب العديد من السنوات لتحقيق التغيير المطلوب، لكن أنت الآن تحتاج إلى معالجة سريعة للوضع وفاعلة استناداً لنقاط القوة لديك، وهي ولا شك أن هؤلاء الخريجين لديهم درجة جامعية تحسب 70% من الإعداد لأي وظيفة، أي أنك لا تشك في أنهم حصلوا على درجة من التدريب والمعرفة في الأساسيات علمياً، ويتبقى منها التدريب على تخصص معين بإمكانك توفيره لهم بتدريبهم على ما تحتاجه أنت في ظرف عام أو أقل حسب الوظيفة المطلوبة، فوظيفة مثل التسويق لن يتجاوز تأهيل شاب جامعي لها خريج لغة إنجليزية أو فرنسية أو تاريخ أو علم اجتماع أكثر من ستة أشهر، ووظيفة مثل التمريض يبدو عام من التدريب كاف لطلاب متخرجين من أقسام الأحياء أو الكيمياء أو محضري المختبرات، كذلك قد تؤهل طالبا متخصصا في علم النبات ليكون مثل خريج قسم الزراعة، وكذلك خريجو أقسام الشريعة يستطيعون أن يكونوا قانونيين في أقل من ستة أشهر في القانون الدولي أو قانون الشركات، وخريجو الرياضيات سيكونون خامة جيدة للتدريب على المحاسبة، بل إن خريجات أقسام الاقتصاد المنزلي من الممكن تأهيلهن للعمل كمهندسات ديكور وطباخات ومصممات أزياء بحسب التخصص الذي لم يجدن له وظيفة، وخريجو علم النفس كذلك تستطيع تأهيلهم لشغل وظائف العلاقات العامة والإعلام، وخريجو اللغة العربية مجالهم أوسع في الإعلام والإذاعة.
إن الإصرار على تعيين الشخص حسب مؤهله الجامعي لا يوجد سوى في السعودية والدول العربية، لأن الناس يتخرجون من الجامعة في الغرب ويعمل في وظيفة مؤقتة ليدفع قيمة التدريب على وظيفة موجودة تنتظره لشغلها، سواء التي تخصص فيها من الجامعة أو يتطلع لشغلها من تخصص آخر، وبإمكانكم مراجعة تخصصات أساتذة الجامعات في العالم للتأكد من ذلك، بل إن الأطباء في أميركا يحصلون على شهادة جامعية ثم يتخصصون في الطب، لماذا نصر نحن على متطلبات لشغل وظيفة ما لا تبدو منطقية، وتؤدي إلى كارثة كما حدث الآن؟
فلنكن مرنين عند حل مشاكلنا، ولا نتخلى مطلقاً عن الإيمان بقدرة شبابنا على إحداث التغيير.