شاركت منذ فترة في معرض وطني يقام كل عام، سجلت حضوري عبر موقع المعرض. وعند الوصول، وجّهني رجل الأمن إلى الوقوف في طابور المسجلين إلكترونيا لأخذ البطاقة. فوقفت وأمامي حوالي 12 شخصا، وخلفي رجل يتذمر -ومعه المنطق- وهو يقول «قدّمنا أون لاين.. ليش في سَِرا؟».
وبعد أن وصلت إلى الموظف، طلب مني جميع البيانات التي سبق أن رفعتها إلى الموقع إلكترونيا، ثم أعطاني بطاقة بها شعار المعرض وكلمة «زائر».
وبعدها قال له المسؤول، المسؤول في الطريق، أدخل الجميع دون أخذ بياناتهم، لإخلاء المدخل!
هل سبق أن واجهت موظفا يطلب منك تعبئة استمارة لا تعلم هدفها؟ أو المرور بإجراءات لا فائدة منها؟
وسؤالي: كيف يمكن تحسين الإجراءات والعمليات في جهاز التعليم؟
يوجد كثير من التطبيقات التي تسهم في تنظيم الأعمال ورفع الكفاءة التشغيلية، ومن أكثر التطبيقات التي أعتقد أنها تحقق مخرجات عملية، هو نموذج تم تطبيقه في كوريا الجنوبية، وهو «تخطيط العمليات الاحترافي».
في فترة ما، كانت الحكومة الكورية تبحث عن طريقة لتقليص وقت تبضع المواد الغذائية للمواطنين، وكانت خطواتهم في التبضع كما هو متعارف عليه، ابتداء بكتابة الاحتياجات الغذائية، إلى الذهاب للسوق، وإيجاد موقف للسيارة، والبحث عن المنتجات، إلى حمل الأغراض للمنزل.
طريقة تخطيط العمليات تعتمد في تطويرها على تصنيف جميع الخطوات الصغيرة والكبيرة إلى 3 أقسام: لحظة الحقيقة، نقطة انقطاع، سياسات العمل.
ومثل عملية التبضع السابقة تتكون بما يقارب 100 خطوة، ويتم تقسيم كل خطوة إلى هذه الأصناف الثلاثة. وبعد ذلك، تتم مراجعة كل خطوة بهدف حذفها وتقليص الخطوات، ويتم ذلك عبر آلية محددة وبوجود جميع المسؤولين ذوي العلاقة بالإجراء.
وفي نهاية الأمر، يتوصل فريق العمل إلى آلية مختصرة في تنفيذ الإجراء، ترفع كفاءة العملية.
وبالعودة إلى المثال السابق، فقد قامت الحكومة الكورية بتطبيق ذلك على عملية التبضع، وما وصلت إليه هو استحداث تطبيق إلكتروني يساعد الشخص على شراء ما يريده، وخصمه مباشرة من حسابه عبر التطبيق، ويقوم السوبر ماركت بإيصال المنتج إلى المنزل. وبذلك، تم اختصار العملية من أكثر من 100 خطوة إلى بضع خطوات عبر الجوال. وأصبحت المحلات التجارية تضع صورا للمنتجات في محطات النقل الجماعي بحيث يستطيع الشخص تصوير المنتج، وبذلك يتم شراؤه وشحنه مباشرة إلى منزله.
لدى وزارة التعليم مئات من العمليات اليومية، الأسبوعية، الشهرية، أو السنوية. ومنها على سبيل المثال عمليات الشراء، الصيانة، الصرف، الإجازة، التسجيل، النقل، التقييم، الانتدابات، الاختبارات والرصد، التكليف، التعيين، الزيارات الميدانية، التعميمات، وغيرها كثير من العمليات.
إن الأدلة الإجرائية في التعليم طويلة جدا، وهي عبارة عن مستندات واستمارات أشبه ببحث علمي، ويمكن تحويلها إلى خطوات بسيطة تساعد منسوبي التعليم على تنفيذها بكفاءة أعلى.
أحد المفاهيم الأساسية في تطوير الأدلة الإجرائية هو أن تكون واقعية وعملية، لتسهيل تطبيقها على الميدان. البنية التحتية لإجراء العمليات تحتاج إلى غربلة، والمقترح هنا هو وضع آلية لتحويل جميع الأدلة الإجرائية تدريجيا إلى خطوات محدودة وأكثر فاعلية وإنتاجية للميدان، فنعمل على ما قل ودل.
وللعلم، ذاك الرجل المتذمر اقترح آلية جميلة خلال تذمره، قال «ليش ما نطبع البطاقة في بيتنا ويكون عليها باركود، وفي المعرض يعمل مسح على كل بطاقة قبل ما ندخل». شكرا على إيجابيتك في التذمر وتقديم حل.