الذي أعتقده وأدين الله به أن بلادنا المملكة العربية السعودية أُسِّسَت على التقوى من أول يوم، وأنه لا نظير لها على وجه الأرض اليوم من جهة تحقيق التوحيد والدعوة إليه، وأنه كما قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (حكومتنا – بحمد الله – شرعية دستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)، وأنه كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (العداء لهذه الدولة السعودية عداء للحق، عداء للتوحيد)، وكما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (أشهد الله تعالى على ما أقول وأُشهدكم أيضاً أَنني لا أَعلم أَن في الأرض اليومَ من يطبق شريعة الله ما يطبقه هذا الوطن، أعني: المملكة العربية السعودية)، وكما قال الشيخ الألباني رحمه الله (عَلَم - السعودية- هو العلم الوحيد في الدنيا الذي يكتب عليه إشارة التوحيد.. هذا العلم يُلَوِح بالإيمان الصحيح والتوحيد الصحيح المقرون بالإيمان بأن محمداً رسول الله)، وكما قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: (إننا - والحمد لله - نرى من حكومة هذه البلاد قياماً بالواجب نحو الإسلام وتحكيماً لشريعته)، ويقول أيضا: (نحن - ولله الحمد - على ثقة من ولاة أمرنا، وعلى ثقة من المنهج الذي نسير عليه، وليس معنى هذا أننا قد كملنا وأن ليس عندنا نقص ولا تقصير، بل عندنا نقص ولكن نحن في سبيل إصلاحه وعلاجه - إن شاء الله - بالطرق الشرعية)، ولست بصدد بيان ما منَّ الله به على هذه البلاد، وقادتها من نشر للإسلام، وخدمة لقضايا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وإغاثة للملهوفين والمحتاجين في العالم، وسد رمق الجائعين في بلاد الدنيا، مع أن أهل هذه البلاد كما يحدثنا الأجداد، مروا بمجاعات عظيمة، بعضهم أكل الميتة، وبعضهم لم يجد ميتةً فمات جوعا، ولم يلتفت لهم أحد من الدول، التي تطالب المملكة الآن بكل شيء، ومع هذا فبلادنا تعطي وتنفق رجاء ما عند الله، ليقينها أنه في كل كبد رطبة أجر، وأن ما يقومون به من خير، إنما هو من باب الديانة لا الدعاية، مع أن إبداء الصدقات إن كان لمقاصد خيِّرة فهو مطلوب، كما قال تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعمَّا هي).
وإذا كانت المملكة العربية السعودية تُحسن، ويُساء لها، وتبذل الخير، ويقابَل ذلك في الكيد لها، فإن المملكة بصنيعها الخير، كأنما تُسف الناكرين للجميل الملّ، ولا يزال معها من الله ظهير عليهم.
والحسدة لن ينالوا خيرا بمكرهم وبغيهم، وإنما بغيهم على أنفسهم، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
وإذا كان من واجب حملة الأقلام، ورجال الإعلام، أن يدافعوا عن المملكة، ويبينوا الحقائق، فإن مهمتهم تلك يسيرة، لأنهم يتحدثون عن قضية عادلة، شواهدها تحيط بهم من كل جانب، فما عليهم إلا إبرازها بعلم وعدل، وبيان جناية الظالمين، وتناقضهم، وقد قام بهذا الواجب طائفة من الإعلاميين والكتاب وأهل الفضل والعلم.
والعتب على (بعض) الإعلاميين، الذين يسلكون مسلك البراقشيين، يتحدثون عن المملكة، فيسيئون، ويثيرون الناس على بلادنا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، إذا سمع الإنسان حديث بعضهم، لا يملك إلا أن يقول: (ليته سكت).
الناس أيها الناس: بحاجة إلى سماع الكلمة الطيبة، والحجة الدامغة، والأدلة القاطعة، أما السب والشتم والاستعداء، ورفع الصوت، وتطيير الأعين، فهي حيلة العاجز، لا تنصر حقا، ولا تدمغ باطلا، وإنما تُكثر الأعداء والخصوم، وتتسبب في الجناية على عدالة القضية التي يتحدث عنها.
فإذا تحدثنا عن إيران - على سبيل المثال- فلنتحدث عن النظام الخميني، وولاية الفقيه، لا على جنس الفرس أو الطوائف المذهبية، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من فارس)، علينا أن نسل أهل البلد عن النظام الخميني الفاجر، كما تسل الشعرة من العجين، لا أن نجعلهم في سلة واحدة، لأن ذلك من الظلم، ومن صالح النظام الفاسد، وهكذا في شأن قطر، فالبلد والشعب لا خلاف لنا معهما، وإنما خلافنا مع نظام الذميمين وشبكته الإعلامية الظالمة، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، وربما شعب دولة قطر الفضلاء هم كذلك متأذون من ذلك النظام المؤذي، فلا يصح وضعهم مع الذميمين وشبكتهم الإعلامية في سلة واحدة.
كم كنت أتمنى أن يستشعر الإنسان وهو يتحدث عن المملكة العربية السعودية أنه يتحدث عن بلد عظيم، له خصائص لا توجد في دولة من دول العالم، فكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتجهون إليه في صلاتهم - لوجود الكعبة فيه - لأن استقبالها شرط في صحة الصلاة، يفعلون ذلك خمس مرات في اليوم والليلة، سوى النوافل والتطوع، والمملكة تطبع المصحف الشريف وتوزعه على جميع المسلمين مجانا، وهي منبع الإسلام، ومأرز الإيمان، فبلدنا له مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، فلا يحسن والحالة هذه أن يتحدث عن المملكة في وسائل الإعلام من لا يعرف مآلات الأمور، من المستعجلين والمتحمسين، فالتحدي أن تكثر الأصدقاء لبلدك، لا أن تُكثر الأعداء، التحدي: أن تظهر الصورة الحقيقية للمملكة بيضاء نقية، لا أن تدخل في أمور لا تحسنها، فتثير على بلدك شرا، فإنْ دخلت فيما لا تحسن، فإنَّ جنايتك على بلدك عظيمة، لكونك صرت براقشيا، كما يقول العرب، وصرت طير ابن برمان كما يقول العوام:
ياطير ابن برمان جبناك حنّا
ياناقل الحية على رأس راعيه.