من النادر جداً في سلسلة معارض الكتب السعودية عموماً، وفعالية النسخة الثالثة لمعرض جدة الدولي للكتاب الذي يسدل الستار على فعالياته اليوم ،خصوصاً، أن يتعرف الزوار على مفاصل الذاكرة الفكرية الحضرمية عن قرب ودون حاجتهم إلى وسطاء أو مشاهدة الوثائقيات، واستطاع مركز تريم للدراسات والنشر ، أن يعيد رسم معالم الإرث الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني من خلال مكتبة متنوعة الاتجاهات والرؤى، كشاهد عيان على التاريخ الحديث وحقبة الصراعات والحروب بين الدولة القطيعية والسلطنة الكثيرية اللتين تقاسمتا حضرموت في ذلك الوقت.

يشارك المركز بـ350 عنوانا، تشمل إسهامات علماء حضرموت في الفقه الشافعي، وكتب منهج حضرموت الوسطي في نشر الدعوة، وتاريخ حضرموت، والهجرة الحضرمية، ومجموعة من دواوين الشعر والدان الحضرميين.


الجهود الذاتية

يعد المركز الحضرمي دار النشر الوحيدة التي تمثل اليمن في معرض جدة الدولي للعام الجاري، ويعد بحسب الزائرين عموماً والباحثين على وجه الخصوص، مرجعاً علمياً متخصصا في معرفة الذاكرة والإرث الحضرمي العلمي.

حيث قضى مديره عبدالرحمن بن علي بلفقيه(18 عاماً)، وهو يحاول - بجهود ذاتية خالصة-، لملمة شعث تاريخه ، والأصول التاريخية للمخطوطات والمكاتبات التي قضى من أجلها ثلث عمره، وهو يبحث ، وحجته الوحيدة حينما تسأله عن ذلك، يجيبك: «ما تراه اليوم سيبقى خزاناً معرفياً محفوظاً بإذن الله للأجيال ، تعرف من خلاله تاريخها بكل أبعاده وتنوعاته».

عندما كانت تتحدث معه «الوطن» حيال كيفية تأسيس المركز، استأذن لدقائق معدودات، لتلبية طلبية مسبقة من الكتب التراثية الحضرمية، لصالح جامعة «مليبار الإسلامية» في كيرلا الهندية، فمركز الرجل وشغفه بهذا الدور الذي يلعبه جعلا منه مقصداً معرفياً ليس للباحثين العرب أو المسلمين، بل حتى المستشرقين الغربيين.

وربما من الكتب المهمة في الجناح «أيامي في الجزيرة العربية.. حضرموت وجنوب الجزيرة (1934 – 1944)»، لدورين انجرامز، زوجة الضابط السياسي والمستشار البريطاني هارولد انجرامز، ورافقته ما بين عدن وعبر رحلاتها واتصالاتها وتعرفها على الكثير من صفات المجتمع الحضرمي وحدود الدولة ومساحات التواصل في الداخل، فقد قدمت قراءة لمراحل من التاريخ المتصل بدولة حضرموت في تلك الحقبة من الزمن.


المهجر الحضرمي

رغم موسوعية بلفقيه وتنوعه، وبالرغم من كل العراقيل والصعوبات التي عاناها للمشاركة في معرض كتاب جدة، قادماً من مدينة تريم بحضرموت - عاصمة الثقافة الإسلامية في عام 2010- إلا أن لديه مشروعاً حمله في جعبته الفكرية اتجه أينما لملم شطر «المهجر الحضرمي».

في صفحة المركز على صفحته بالفيسبوك، يؤكد بلفقيه أن دوافع مشاركتهم بـ»بكتاب جدة»، تأتي أولاً للتواصل مع أهل المهجر في المملكة، والمساهمة في نشر التراث الحضرمي، فالكتب المشارك بها تعود جميعها إلى مؤلفين حضارمة وأخرى لمن كتب عن حضرموت من غير الحضارمة.

تستطيع أن تعرف عمق المهجر الحضرمي وتأثيراته الواسعة، من خلال سلسلة العناوين المتراصة على منضدة الجناح، ومنها :»الهجرات الحضرمية الحديثة إلى الهند.. وتأثيراتها من بداية القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، ورجال الشحر في شرق إفريقيا من خلال أدبهم الشعبي، والجمعيات والهيئات العربية بإندونيسيا، وحضارمة المهجر المصري، والحضارمة في المحيط الهندي.. إسهامات في مجتمع واقتصاد جنوب شرق آسيا».





دعوات من الجامعات

لدى بلفقيه الكثير ليقوله عن تأثير المهجر الحضرمي في شرق آسيا، ما أهله لتلقي دعوات من الجامعات السنغافورية – على سبيل المثال لا الحصر- للحديث عن جهود المهجر الحضرمي في وأد فتنة الحرب بين دولتي حضرموت «الدولة القطيعية والسلطنة الكثيرية»، ومساهمتهم الفاعلة في إقامة مؤتمر الإصلاح الحضرمي الأول بالشحر والمكلا 1927 والمؤتمر الثاني 1928 في سنغافورة.

يبدو عبدالرحمن بلفقيه، في كامل اقتناعه وهو يتحدث عن ضعف المهجر الحضرمي الخليجي، مقارنة بالآسيوي أو الإفريقي، مما دفعه إلى القول: لا نريد منهم عدم الاندماج في مجتمعات دولهم، على العكس نطالبهم بذلك، ولكن يجب الاحتفاظ بالأصول، كما هو معمول به في مهاجر إندونيسيا، وسنغافورة، وماليزيا، وغيرها من البلدان الأخرى».


لمحات عن المركز

- الدار الوحيدة التي تمثل اليمن.

- يشارك المركز بـ350 عنوانا

- يقدم الذاكرة والإرث الحضرمي العلمي