لا جديد تحت الشمس، إردوغان ما زال يكذب ويعرف أنه يكذب، ومع ذلك يستمر في الكذب إلى ما لا نهاية. في خطابه الأخير يقول بأنه إذا فقدنا القدس فإننا لن نتمكن من حماية المدينة، وإذا فقدنا المدينة فإننا لن نستطيع حماية مكة، وإذا سقطت مكة سنفقد الكعبة.
يبدو أن إردوغان نسي أو تناسى أن أسلافه العثمانيين هم من سلم القدس إلى القوات البريطانية. التاريخ يقول إن أول حالة استيطان لليهود كانت في سنة 1855 عندما حصل اليهودي مونيفيوري على فرمان عثماني يسمح له بشراء أرض لإقامة مستشفى، ثم قام بعد ذلك بتحويله إلى أماكن شعبية لليهود، والتي أصبحت بدورها نواة الحي اليهودي في القدس الشريف.
التاريخ يقول أيضا إن تركيا كانت أول دولة اعترفت بالكيان المحتل، ومنذ 60 عاما وإلى الآن ما زال هناك تعاون بين تركيا وإسرائيل في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، فتركيا كما هو معلوم تشتري العديد من الأسلحة من إسرائيل، وكذلك تقوم إسرائيل بتحديث دبابات وطائرات تركية.
شيء مريب فعلا أن يرفع الأتراك شعار الدفاع عن فلسطين والأقصى الشريف، في حين أن علاقتهم مع الكيان الغاصب تتوطد يوما بعد آخر، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهم أكثر من 3 مليارات مؤخرا.
أليس هذا خذلانا للأقصى؟
إن الخطابات السياسية لن تحرر شبرا واحدا من أرض فلسطين، بل على العكس تماما إن المتاجرة بالقضية الفلسطينية من أجل الحصول على مكاسب سياسية شيء يتنافى مع مبادئ الأخلاق التي يحث عليها الدين الحنيف.
لقد آن الأوان أن يكسر هذا الصمت العالمي الرهيب، فلسطين لم تعد قضية العرب والمسلمين وحدهم، بل هي قضية الإنسانية جمعاء، ولم يتعرض أي شعب في العالم لمثل ما تعرض له الشعب الفلسطيني الأبي، من قتل وتشريد وهدم للمنازل، ومع ذلك فالطريق إلى تحرير فلسطين ليست بالبعيدة ولا القريبة كما يقول ناجي العلي، بل هي بمسافة الثورة.. الثورة التي تقتلع المحتل من جذوره، وتجعله يتوه في صحراء التيه مجددا.