كتبت مقالا في 16/‏‏ 12/‏‏ 2017 عن شركات تطوير التعليم وعن استغلال هذه الشركات وحجم رواتب موظفيها الذين يغلب عليهم أنهم قيادات تعليمية ومعلمون متقاعدون تقاعدا مبكرا، ويوم الجمعة الماضي نشرت صحيفة مكة خبرا عظيما عنوانه «نزاهة تنبش أوراق شركة تطوير التعليم»، ولقد تضمن الخبر عدة شبهات وجدتها نزاهة في شركات التعليم، تركزت معظمها في تبديد المال العام عبر تعيين قيادات تعليمية ومستشارين برواتب خيالية، كما تضمن الخبر وضع نزاهة يدها على كثير مما يمكن إيجاده لتفسير أو الإجابة عن مقالي حول هذه الشركات.

لا أعرف إن كان مقالي سببا أو أن إعلان هذه الشركات عن صرفهم ثلاثة مليارات من الريالات من هبة المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالله، والتي تتجاوز التسعة مليارات، هو من جعل نزاهة تلتفت لهم، لكنني حقيقة لا أستطيع أن أخفي سعادتي بهذه النتيجة التي أتمنى أن يتم بعد التحقيق وتبرئة من لم يثبت عليه شيء ومكافأة من وقف في وجه الفساد إدانة كل سارق للمال العام، أو بمعنى أصح مال التعليم، مال مستقبل السعودية وأمل ملكها الراحل الذي استأمنهم عليه، وبقينا منذ تاريخ الهبة سنة 2011 حتى اليوم 2018 ونحن ننتظر وننتظر تغييرا ملموسا في مخرجات التعليم، أو حتى في مباني أو بيئة المدارس، أو تطويرا في التعليم الذي يتلقاه صغار هذه البلد، ليظهر أن الطلاب الوحيدين الذين استفادوا من هبة الملك هم أبناء هؤلاء الذين يلتحقون بالمدارس الأجنبية، نتيجة ارتفاع دخل والدهم بعد انتقاله من منصبه في التعليم للشركات برواتب تجاوزت الستين ألفا في الشهر، أو كما وجدت نزاهة مستشارين يستشارون من منازلهم برواتب تفوق المئة ألف ريال وما خفي كان أعظم.

على كل حال هذه لا يجب أن يكون النهاية، بل لا بد من تتمة، وهو أن يصدر قرار من المقام السامي يمنع ما حدث أن يتكرر، وذلك لن يكون إلا بتحديد رواتب منسوبي هذه الشركات، وأن يتم الإعلان عن وظائفها، ويمنع منعا تاما شغلها من قبل المتقاعدين أو أقارب المسؤولين عنها من الدرجة الأولى، وأن يستقطب المبتعثون وطلاب الدراسات العليا في السعودية لشغل وظائفها من الشباب الذي بح صوته وهو يطالب بفرصة لخدمة وطنه.

للحق مع هذه الرؤية المباركة نحن نقترب من الفجر الذي يبدو معه أن ليل الفساد يجر حبال الخيبة راحلاً عن بلادنا، وسيأخذ معه كل المنتفعين من ضعف الرقابة والمساءلة، وربما ضاعت من التعليم ثلاثة مليارات لكن تبقت سبعة مليارات لن تذهب -بإذن الله- إلا للتعليم ولأجل التعليم.