يكاد يجزم قارئ أي مقال يناقش الشهرة والمشاهير أن الكاتب سيردد ويسرد شروحات مقولة «لا تجعلوا من الحمقى مشاهير». فيما شهدنا مؤخرا حملة تبليك المشاهير التي نجحت نجاحا باهرا في تعريفنا بالأشخاص الذين لم نسمع عنهم، وزادت من عرفناهم شهرة، يبرز فشل الحملة في مقاصدها الأساسية. إذ تتنوع الحيل في عالم الإعلان والتسويق للوصول إلى المتلقي فيفاجأ الأخير بقلب طاولة الحماقة عليه.

فتعريف الأحمق في لغتنا: فاسد الرأي، ويأتي بأعمال لا معنى لها.

من التعريف السابق، يتجلى لنا أن الحماقة في القول والفعل، وأن الاندفاع وعدم التأني في الحكم على المحتوى الرقمي الذي يصل إلى هاتفك، سواء كان ذلك عن طريق الرسائل أم ما يقدمه المقدمون، يعد من ضروب الحماقة، في حين التفاعل مع ذلك المحتوى «السلبي» هو الحماقة بعينها.

يجب أن يكون لدى كل شخص «فلتر ذاتي» يقوم بتنقية المحتوى الجيد عن السيئ، وهذه الأداة الذاتية تستخدم في جميع أمور الحياة للفصل بين أمرين أو تجاهل أمر مزعج.

إن تفعيل الفلتر الذاتي ينطبق على المحتوى الرقمي، وعلى الصعيد الاجتماعي، والأمور الحياتية تباعا، فيتحسس المتلقي بموجبه الإشارات الدالة على وجود شخص أو موقف سلبي عند استخدام الفلتر الذاتي.

لطالما ردد المشاهير على متابعيهم «لا تجعلوا من الحمقى مشاهير»، فهل ذكر هذه الإكليشة تعفي قائلها من الفلترة؟

المسألة ليست مسألة حماقة، إنما مسألة مبدأ وشفافية، ويتم ذلك ببناء قواعد جماهيرية صلبة، متمثلة في معرفة الهدف من المحتوى المقدم، والفائدة العائدة على المتابع من متابعة المشهور، مع تحكيم العقل والمعرفة فيما يبث.

على سبيل المثال، يلجأ كثير من الأشخاص إلى التدريب والدورات في برامج «واتساب»، و«سناب» في فن الإتيكيت والأنوثة والتجميل والشؤون الأسرية... إلخ.

قد يكون المحتوى أخّاذا وهادفا، إلا أن كثيرا ممن يدعي التدريب ليس حاصلا على التدريب الأساسي والشهادات المعتمدة التي تخوله مزاولة عمله على الوجه الإلكتروني والتقليدي. كما تبرز مسألة التسويق وشراء المنتجات المعلن عنها في حسابات المشاهير، ففي حالة عدم الرضا عن المنتج أو التضرر منه، من الذي سيحمي المستهلك؟

في هذه الأيام يأخذ المشهور منك أكثر من إعطائك، والاستفادة تكون على نحو رقمي، فأنت ذلك الرقم الذي يرتسم في عدد مشاهدات صفحاتهم، وبالتالي تساعدهم في عملية البيع والترويج أكثر فأكثر.

إن انتقاء المحتوى الإلكتروني الذي يغزو بيوتنا، أصعب مما نظن، ولكنه ليس بالأمر المستحيل، فبالوعي والتيقظ الدائم وعدم الانجراف إلى متاهات المشاهير ومآربهم غير المعلنة بعكس إعلاناتهم، سيوفر الشخص كثيرا من الوقت والمال.