مزيج من الإحساس بالسعادة والفخر شعر به كافة من اطلعوا على قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتأمين منزل وسيارة للمواطن سامي النعمي، الذي فُجع خلال الأيام الماضية بمصرع أبنائه الستة وزوجته، في حادث مروري جراء اصطدام سيارتهم التي كان يقودها الوالد بشاحنة حاول سائقها تفادي حفرة عميقة في الطريق، وذلك على طريق صبيا – هروب.
سبب السعادة هو أن خادم الحرمين الشريفين الذي سارع كعادته إلى مسح دموع رب الأسرة المكلوم، أثبت من جديد أن نعمة القيادة التي منحها الله تعالى لهذه البلاد المباركة لا تقدر بثمن، وأنه حق للمواطن السعودي أن يشعر بالأمان على نفسه وأبنائه في ظل وجودها، كما أن الآلاف شعروا بالفرح للمكرمة الملكية بحق النعمي، بعد أن تأثروا وهم يشاهدونه يروي على شاشة إحدى الفضائيات بحسرة شديدة تفاصيل الحادث المروع، ويصف بمنتهى الحزن مأساة مشاهدته لجثث زوجته وأبنائه الستة وهي متناثرة على الأرض أمامه، مطالبا بمحاسبة كل المقصرين والمتسببين في الحادث، حتى لا تتكرر هذه الحادثة وتزهق أرواح جديدة. كما كشف عن مفاجأة أخرى عندما قال إن منزله تعرض للحريق قبل شهرين، وأنه يقيم مع زوجته الأخرى وأبنائها في منزل متواضع يتكون من غرفة وصالة.
مقدار التعاطف الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي كان كبيرا، فقد أعرب معظم الناشطين على تلك المواقع عن حزنهم لما تعرضت له عائلة النعمي، وقاموا بمواساته، وعرضوا استعدادهم لمساعدته والوقوف إلى جانبه، كذلك تفاعل العديد من الوزارات والأجهزة الحكومية إلى مساعدته ودعمه، وبادر وزير التربية والتعليم إلى إصدار أمر بتعيين زوجة النعمي الأخرى، لتعمل معه في ذات المدرسة التي يعمل بها حارسا، لمساعدته على تحمل أعباء الحياة، وكذلك سارع وزير العمل بإجراء دراسة عاجلة لأوضاع الأسرة ومساعدتها، ووجَّه بتخصيص مساعدة مالية مقطوعة عاجلة تقدم له.
إلا أن خادم الحرمين الشريفين سبق الكل، وكان دعمه كافيا لإيجاد حلول جذرية لمأساة تلك الأسرة، مؤكدا مرة أخرى أنه كبير العائلة السعودية الذي يحمل همها، ويضع مصلحة أفرادها نصب عينيه، ويسهر لأجل أن تنام عيونهم قريرة، ويبذل الجهد كي يضمن راحتهم. وهذه هي أبلغ تجليات العلاقة السليمة بين الحاكم والمحكوم، التي تضمن ولاء الأخير للأول، وبذله الروح في سبيل الذود عن الأرض والديار.
إن كان من عبرة يستفاد منها وتدرس نتائجها من الحادثة التي راحت ضحيتها عائلة النعمي، فهي ضرورة أن تسارع وزارة النقل إلى مراجعة معظم الطرق في منطقة جازان، التي يشتكي مرتادوها من تردي أوضاعها، وإصلاح ما بها من حفر وأخاديد تسببت في العديد من الحوادث المرورية، وأزهقت أرواحا عديدة، وتزويد تلك الطرق بوسائل السلامة المرورية اللازمة، من مصدات أسمنتية، وحواجز مؤقتة، وإضاءة كافية، وإلزام المقاولين بتنفيذ الطرق وفق المواصفات المحددة، ومعاقبة المستهترين منهم الذين يتأخرون عن أعمال الصيانة، ويصل الأمر ببعضهم أن يرفض القيام بذلك، فالأمر يتعلق بحياة المواطنين، لذلك لا مجال للتلاعب فيه.
تبقت همسة أخيرة في أذن المسؤولين في الوزارة، بضرورة الوقوف على أحوال الطرق في كافة المناطق بأنفسهم، والقيام بزيارات دورية لمناطق المملكة المختلفة، تنفيذا للتعميم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لكافة الوزراء والمسؤولين، وتأكيده المستمر على ذلك.