خلال الأسبوع الماضي، قام وزير النقل بإصدار قرار إعفاء مدير طرق جازان، على خلفية حادث شنيع أودى بحياة 7 أشخاص من عائلة واحدة.
وبالأمس فقط، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أوقفت أم نايف، وأزالت عشتها أو محلها لبيع الجريش، بسبب مقطع يظهرها تتحدث عن وسامة رجل غربي تعرف أنه لا يعرف لغتها، وقبلها بفترة حدثت قصة إقالة مدير مدرسة والممرضات اللواتي عبثن بوجه الطفل.
لاحظوا أولا: أن القرارات كلها هذه جاءت رغبةً من الوزارة كمهدئ سريع المفعول لردة فعل المجتمع، والتي تبيّنها الوزير من وسائل التواصل أو «تويتر» تحديدا.
لذا، سؤال صغير فقط: هل بعد كل ما نعرفه وكشفته لنا الجهات الحكومية الراصدة لما يحدث في مواقع الإنترنت، والتي أعلنت أكثر من مرة أن معظم التغريدات تأتي من دول وأجهزة مخابرات وجيوش إلكترونية خارجية، وبعضها قام باختراق حسابات حكومية مثل حساب المواطن وغرد منه، ما زلنا نعدّ كل الهاشتاقات تعبّر عن ردة فعل المجتمع ورأيه؟، وقبل أن يجلس المسؤول على مكتبه، يصدر قرارا بالإقالة بدلا من أن يأمر بالتحقيق كأقل واجبات الإيمان.
ثانيا: تلاحظون أننا في إدارة مثل هذه الأزمات اتجهنا إلى الأفراد ونسينا ما هو أهم، وهو الأنظمة والسياسات والإجراءات، فلم يعد خافيا على أحد ضعف الأنظمة والإجراءات التي تدير عمليات صيانة وتطوير ومراقبة جودة الطرق ومدى سلامتها، بل الضابط الأهم وهو التحقق من تفعيل ذلك، لأنه قد يكون موجودا ولكن لا يتم، لأن أداء المشرف عليه لا يتم قياسه بمعايير تكفل لنا جميعا الثقة في قدرته على حفظ هذا الطريق صالحا للاستخدام أينما كان، في جدة أو حفر الباطن.
ثالثا: إن مدير طرق جازان هو موظف، وعندما تقيله بلا تحقيق أنت ترسل إلى كل شخص يتبوأ مسؤولية كبيرة، أنه ربما يُطرد في أي لحظة بسبب ليس خطأه، بل ربما خطأ جهات أخرى لم توفر لهم الدعم المادي والرقابي للطريق.
كذلك أم نايف، عندما اقتلعت ركنها دون أن تحقق معها، أنت ترسل رسالة معناها أنه لا يوجد نظام يدير عقدك معنا، بل الأمر يرتبط بمزاج شخص قد يحكم على ما فعلته حسب مشاعره في تلك اللحظة، وعليك أن تتحمل هذا الحكم، وأنت تشاهد مصدر رزقك يغلق أمام عينيك، ومعه كل أماني أطفالك !.
أود أن أقول أيضا، إن مثل هذه القرارات تسيء وتستنقص من نجاحات ربما يكون أحرزها المسؤول في عمله، ولم يكن بحاجة إلى قرار من الواضح أنه ردة فعل على غضب شعبي، ربما يكون في حالات كثيرة غير حقيقي أو غير مستقر، ولكم أن تروا ردة فعلهم في «تويتر» على أم نايف، فقبل إزالة محلها كانوا غاضبين من سلوكها، وبعد القرار غضبوا من الوزارة، ولا أحد تكلم عن مشروع الأسر المنتجة العظيم!.
لذا، دعوني أشير إلى ردة فعل إمارة مكة المكرمة على هاشتاق سلوكيات وأحداث أحد المنتجعات في جدة، لقد أصدروا قرارا بالتحقيق للتأكد من أن ذلك حدث فعلا، ثم سيصدرون قرارهم، وأتوقع بعدها ستتم مراجعة الأنظمة والقوانين التي سمحت بحدوث مثل هذه الأمور، إن كانت كما تبدو، هذا باختصار ما ننشده.