كافأني أحد الزملاء من الخبراء في الإشراف التربوي برسالة نصية مفادها ( أرجو منك الإجابة عن التساؤلين التالين)؟
1. لماذا تبنت الإدارة العام للإشراف التربوي والإدارات التعليمية فكرة إلغاء مهمة المشرف المتابع؟ ألم يكن المشرف التربوي المتابع هو صمام الأمان في متابعة النواحي الإدارية؟
2. لماذا يعد دور المشرف التربوي وأثره ضعيفا في الميدان التربوي؟
هنا توقفت للتدقيق في التساؤل الأول للاستحضار في الدوافع وراء هذا التوجه! هل الدوافع إدارية أم تنظيمية؟
هل هي إعادة لتصحيح المسار أم هي لتجويد المسار؟ أم ماذا؟
في رأيي أن هذا التوجه يتوافق مع التوجه المرحلي المنظم للمهام والواجبات وفق معايير أدائية واضحة هدفها توزيع المهام وتجويدها ويمثل ذلك في سلسلة إصدارات منظومة الأداء الإشرافي الخمسة حيث إنها بدأت بالمشرف التربوي وحددت مهامه وواجباته بشكل يمكن قياسه وتتبعه ثم أعطت له حدوده الجغرافية في الإشراف التربوي تمثل في الزيارات الفنية والتشخيصية والإجرائية والأدائية في الدروس والورش واللقاءات والنمو المهني ونماذج التحليل للنتائج والتقويم بطرق وإجراءات توصيفية مميزة مع إجراءات رصد شمولية يرصدها كل زائر إشرافي لأي مدرسة لبيئتها ولسلوكيات طلابها وبرنامجها الاصطفافي حتى أداء الفريضة المكتوبة ظهرًا وكذلك الغياب وجميعها عززت دور المشرف الزائر بشكل جيد وبرقابة متتابعة وتكاملية بين الرصد الفني والإداري فبالتالي فإن جميع المشرفين يعدون متابعين بشكل يتصف بالديمومة الجيدة بمعدل يصل أربعة أضعاف الرصد الإداري للمشرف المتابع والذي كان يزور في بداية العام، بداية الاختبارات، بمعدل (6) زيارات في العام للمدرسة الواحدة فقط ، وبالتالي فقد كان الإجراء مسيئا للمشرف الآخر وللإشراف عامة كون الزائر غير المتابع لم يكن يعنيه ما قد يرى كون أن لهذه المدرسة مشرفا متابعا قد يكتفي بإبلاغه شفهيًا بالاتصال أو بالإرسال.
ومن هذا المنحنى الأدائي فقد تغير الفكر الإشرافي نحو الشمولية والقياس، لذلك أعتقد بأن النسبة المئوية الأدائية بين مؤشرات الرصد الفني والرصد الإداري هي 20? إلى 80? وهي نسبة رائعة اكتملت بمشاركة القيادة المدرسية بمؤشراتها الفنية والإدارية والمؤشرات التعليمية الخاصة بالمعلمين جاعلة من العمل التربوي ينتفض عنه غبار الرتابة ومتحديًا بذلك مقاومة الحرس القديم الذي يرى في كل تغيير بأنه تجريب غير مقبول ولكنهم يكتشفون سريعًا بأن التغيير يعني الحل لكثير من المشكلات.
وأما التساؤل الثاني ومفاده ( لماذا يعد دور المشرف التربوي ضعيفا وأثره غير واضح في الميدان التربوي ؟ ) فتقول فلسفة الإدارة بأن الإشراف هو العنصر الثالث من عناصر الإدارة بعد التخطيط والتنظيم وقبل الرقابة والتقييم فهو عنصر التوازن بين الإدارة التنفيذية الدنيا والإدارة التخطيطية والتقيمية العليا وتسمى بالإدارة الناعمة (التوجيه أو الإشراف) لأنها الإدارة أو القيادة الوسطى ولشاغليها خصائص خاصة يفترض أن تتوفر في صاحبها وهي الحس القيادي، الولاء المهني،التمكن الوظيفي والعلاقات الإنسانية, وكون طبيعة المشرف التربوي مرتبطة بالجانب الإنساني الصرف فإن قياس الأثر بالعادة يكون محدودا وغير ملموس فبناء المشاريع الفكرية هو من اختصاص المشرف التربوي وعنصره الداعم أو الوسيلة الداعمة هي الكادر البشري قيادات المدارس ومعلموها ومنتجها النهائي الطلاب المتمثل في تعديل السلوك تربويًا وبناء المعرفة لذلك يصعب على الراصد قياس الأثر بشكل مباشر وملموس بحسب الفلسفة الحديثة في الإشراف التربوي ! بعكس الرصد القديم فقد كنا نستطيع قياس الأثر الإشرافي عندما كان المشرف التربوي يمارس دور المفتش او المراقب (الرقابة) وهو يلبس دور الإشراف ولكن عندما تمت إعادة الأدوار وفق الأدلة و اللوائح العلمية والتنظيمية أصبح دور المشرف التربوي غير ملاحظ لدى الممارسين القدامى لتعودهم على الأثر السريع عندما كان المشرف التربوي يمارس دور المراقب أكثر من دور المشرف المعدل للسلوك والباني للقناعات اللازمة وتقزيم القديم منها.
خاتمة القول بأن دور الإشراف واضح وملموس ولكنه بطيء لأن مادته عقول المعلمين وقيادات المدارس ونواتجه غير سريعة بعكس الرقابة، والمشرف يصمم الأهداف ويكيفها ويرسمها وينفذها ويعالج الخلل الطارئ فيها ويعزز القوي منها بينما المراقب كان يتابع درجات التنفيذ فقط