في مسرح الحياة الكبير، حضرت مسرحية «لغتنا اللفظية في تعاملاتنا اليومية».
النص مليء باللغة الجافة والخشنة، الخالية من اللطف و«الكلمة الحلوة» مع الأهل، والأقارب، والأصدقاء، وزملاء العمل، والغرباء.
نص المسرحية كتب بأيدينا وبرغبتنا، وشاركنا جميعا في التمثيل على خشبة مسرح الواقع، وتجاوزنا الواقع إلى العالم الافتراضي، ففي «تويتر» -على سبيل المثال- نجد الحِدة والقسوة في الخطاب، ونستمتع ونتفنن في «تطيير الجبهات»، الخالي حتى من الطُرفة في كثير من الأحيان!
اللغة الجافة والقاسية في حياتنا اليومية لها انعكاسات خطرة على تماسك الأسرة والعلاقات الاجتماعية والمهنية.
حسب إحصاءات عام 2015، بلغ عدد صكوك الطلاق في السعودية أكثر من 46 ألف صك من إجمالي عدد عقود الزواج التي تجاوزت 155 ألفا في العام ذاته، وفقا لموقع الهيئة العامة للإحصاء.
حتما، غياب «الكلمة الحلوة» والتعامل اللطيف والحوار البنَّاء، من الأسباب الرئيسة للوصول بالعلاقة الزوجية إلى «أبغض الحلال»!
«المعهد الوطني الياباني لعلوم وظائف الأعضاء» أجرى دارسة عن أثر الإطراء والكلام الطيب على الناس، وأكد فريق العلماء أن الإطراء على الناس له الأثر نفسه الذي يُحدثه المال، من ناحية تنشيط مركز المكافأة في المخ، إذ يشبع المديح عند الإنسان الحاجة إلى الانتماء، ويسهم في التحفيز الإيجابي.
إيقاع الحياة الراكض، وصعوبة الحياة المعيشية، والحالة النفسية، ليست عذرا لنتترس خلفها دائما في تبرير شُح «الكلمة الحلوة» من قاموسنا، ومع هذا التبرير غير المنطقي نجد قاموسنا الحاد والجاف يتبدل ويتحول إلى جميل ولطيف ونَخْبَوِيّ المفردات، وإلى اهتمام رفيع بالمشاعر مع المدير في العمل، وصاحب الجاه، ومن يملك المال في محيطنا.
نستطيع كبشر اكتساب المهارات وترسيخها كممارسة يومية، «فحملة الكلمة الحلوة» التي تشرف عليها الكاتبة والمستشارة الأسرية والاجتماعية، الدكتورة ليلى عبدالعزيز الهلالي، ومعها 6 سيدات متطوعات، استطاعت أن تؤثر في 10 آلاف إنسان في جميع مناطق المملكة، ومن خلالهم -كسفراء وسفيرات للحملة- يتم العمل على محيطهم الأسري والمهني لتعزيز ونشر ثقافة «الكلمة الحلوة»، وترسيخها في الحياة اليومية.
قدمت الحملة 250 محاضرة ودورة تدريبية، تعزز وتكرّس أهمية الكلمة الحلوة في تمتين العلاقات الزوجية والاجتماعية، وضمان استقرارها واستمرارها، وامتد أثر الحملة إلى إمارة «أبو ظبي»، إذ قدمت محاضرة في هيئة البيئة حضرها 150 معلما ومعلمة من معظم مدارس «أبو ظبي»، وذلك لتكريس «الكلمة الحلوة» في العملية التعليمية لما لها من أثر على الطلاب، ومقاومة العنف وتقوية الجبهة الداخلية.
وتهدف الحملة إلى أن تصبح «الكلمة الحلوة» حديثنا ولغتنا التي نتعامل بها، وتميزنا عن غيرنا من المجتمعات، وتصبح واقعا تعيشه كافة فئات المجتمع، كما كنا بالأمس، إذ كان مجتمعنا أغنى الأوطان بعذوبة مفرداته ورقة مشاعر أبنائه.
الكلمة الطيبة ليست سهما حقيقيا، لكنها تخرق القلب وتمتلكه وتبني داخله وطنا، وتجعل العلاقات الإنسانية تسمو وتنمو وتعلو، ولا ننسى فضل الكلمة الطيبة في سنّة نبينا -صلى الله عليه وسلم- إذ قال «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».