صرّح أحد أعضاء مجلس الشورى في وسائل الإعلام بالقول بأن معدل البطالة في المملكة بلغ 34 %، وليس كما نشرته الهيئة العامة للإحصاء بأن المعدل هو 12.8 %، حيث يرى عضو الشورى أن الهيئة تروج لرقم خاطئ عن البطالة، لترد الهيئة بالقول بأن ما تصدره في نشرة سوق العمل يأتي وفق المعيار الدولي الذي تلتزم به السعودية، ومعترف به دولياً، وهو ما تتم مقارنة المملكة فيه مع بقية الدول في العالم.
تعترف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية صراحة بأنه لا توجد قاعدة متكاملة لإحصاءات سوق العمل السعودي، والمصادر المختلفة تتضارب تضارباً كبيراً فيما يتعلق بالمعلومات الأساسية، والتي منها عدد العاملين السعوديين والعاطلين عن العمل، وترى الوزارة أن هذا النقص الإحصائي يشكل عائقاً رئيساً أمام التوصل إلى تشخيص كمي دقيق لنسب البطالة في المملكة.
وليس هذا وحسب، بل إن وزارة العمل تؤكد في خططها وإستراتيجياتها على أن هناك «نسبة كبيرة من العاطلين لا يدخلون ضمن إحصاءات البطالة، حيث إن نشرة الإحصاءات تطبق تعريفا مقيدا للبطالة، حيث يتم استبعاد الأفراد الذين يبحثون عن عمل بشكل مستمر إلا أنهم توقفوا عن البحث لأنهم لم يجدوا عملاً، أو لأن لديهم اعتقاداً بعدم وجود وظائف، والأفراد الذين بحثوا عن العمل ووجدوا عملاً بأجر أقل مما يقبلون به، أو الذين وجدوا عملاً خارج منطقتهم الجغرافية ولم يقبلوا به، أو الذين قدموا أوراقهم لوزارة الخدمة المدنية أو لجامعات معينة، وفضلوا الانتظار الذي قد يطول لعدة سنوات على القبول بأجر متدنّ، أو الأفراد الذين يبحثون عن عمل إلا أنهم يفضلون الانتظار في بيوت أهاليهم إلى أن يجدوا الوظيفة المناسبة».
وبناءً على ما سبق، فإن هناك نسبة كبيرة من العاطلين لا يدخلون ضمن إحصاءات البطالة، وطبقاً لرأي وزارة العمل فإن معدل البطالة مرتفع وما ذكره المتحدث الرسمي للهيئة العامة للإحصاء في معرض رده على عضو مجلس الشورى، بأن هناك أفرادا يبحثون عن عمل آخر وهم في الأساس موظفون على رأس العمل في جهات أخرى، كلام وتصريح تنقصه الدقة والحقيقة، فمعدل البطالة يتأثر بمفهوم البحث عن العمل والأجر السائد، ومن الواضح أن نشرات الهيئة الإحصائية تستبعد أعدادا كبيرة من العاطلين عن العمل الذين توقفوا عن البحث، أو لم يقوموا بتحديث معلوماتهم وتجديد طلبات التوظيف الخاصة بهم خلال فترة معينة.
كما أن تعريف البطالة يعتمد اعتماداً كبيراً على تعريف وإحصاء من هم خارج قوة العمل ودقة إحصائهم عن طريق المسح بالعينة، والقول بأن اتباع المعايير الدولية في تحديد معدلات البطالة أيضاً كلام تعوزه الدقة!.
وتأسيساً على ما تقدم، أرى من الضروري العمل على تطوير نظام فعّال لمعلومات سوق العمل، بتوفير معلومات حديثة وشاملة ومتاحة لكافة المستفيدين، من خلال تطوير وتحسين مؤشرات سوق العمل وإصدارها بصورة دورية تخدم كلاً من متخذي القرار وأصحاب الأعمال والعمال وراغبي العمل، فالدول تعتمد بشكل أساسي على الإحصاء لرسم سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، فهي تحتاج إلى بيانات عن نتائج أعمالها وأنشطتها، وذلك لتحليلها وتفسيرها للمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة، كما أن انتشار التخطيط كأسلوب لرسم سياسات الدول أدى إلى المزيد من الحاجة إلى استخدام الأساليب الإحصائية لوضع الخطط ومتابعة تنفيذها والتأكد من عدالة نتائجها.
بالإضافة إلى ما سبق، هناك حاجة إلى التنسيق بين وزارة العمل والهيئة العامة للإحصاء لاحتساب معدلات البطالة ميدانياً وعن طريق المسح بالعينة وفق الأساليب العلمية الإحصائية، فمعدلات البطالة من المؤشرات الوطنية المهمة والتي لا تتعلق بأداء وزارة العمل وحسب، بل بأداء الاقتصاد الوطني ككل، ولهذا من المهم أن تكون هذه المعدلات ذات مصداقية عالية وموثوقية ويمكن الاعتماد عليها.
وللمعلومية فإن هناك جهات رقابية رسمية في المملكة تقوم برصد ومتابعة المؤشرات والنسب والمعدلات الإحصائية وتقارنها بالمؤشرات الدولية، باعتبارها أداة حيادية يمكن أن يستند إليها أصحاب القرار في معرفة مجالات الإصلاح والتطوير التي ينبغي التركيز عليها، كما تقوم بكتابة تقارير عنها يتم الرفع بها إلى السلطة التشريعية، وعلى هذا الأساس يجب أن تقوم الجهات الرقابية بدورها في هذا المجال، وتقوم بمراجعة معدلات البطالة في المملكة، وتتأكد من سلامة احتسابها إحصائياً، وتبحث في مدى قدرة الجهات المعنية في السيطرة على البطالة في المملكة.