لبنان ومنذ سنوات يعاني من أزمات سياسية واقتصادية، أزمات حكم وقوة وسلاح وفرض للسلطة والقانون، كل حسب مصالحه ومصالح من يشغّله من الخارج، فتجد أن حزب الله مثلا يعمل لخدمة الأجندة الإيرانية التوسعية
في المنطقة، وتحوّل بين ليلة وضحاها إلى ميليشيا لا تخدم الإيراني في لبنان فقط، بل امتدت الخدمات التي يقدمها مرتزقة الحزب حتى وصلت إلى القيام بعمليات عسكرية لخدمة النظام الإيراني والقتال في سورية والعراق، وتدريب الإرهابيين في لبنان للقيام بعمليات تخريب في البحرين والكويت، وإرسال خبراء من الحزب لتدريب الحوثيين في اليمن.
حزب الله حوّل البيئة الحاضنة له إلى حطب، استفاد منه الإيراني لإشعال المنطقة، فأصبح سعر المرتزق الواحد منهم لا يتعدى الـ500 دولار أميركي، فخسروا الآلاف من أبنائهم في حروب عبثية، يوما مع الإسرائيلي، وأياما مع الشعوب العربية التي اجتاح الحزب أراضيها، ولم يوفر يوما طاقة يستفيد منها في قتلهم وتشريدهم، والغوص أكثر فأكثر في المستنقع الطائفي والحروب الأهلية والاقتتال الذي أسست له إيران منذ 1979 وحتى اليوم، فكانت النتيجة المزيد من الموت للشعوب العربية، وسقوط الآلاف من عناصر حزب الله والحوثي والحشد وغيرها من الميليشيات الطائفية، وزيادة الفراغ بين الطوائف بسبب هذه العمليات التي لم تهدف يوما إلى رصّ الصفوف، بل إلى مزيد من تفريقها.
إن جمهور حزب الله وباقي الميليشيات الطائفية التابعة لإيران مطالبون بالخروج عن طاعة هذه التنظيمات، وفتح صفحة جديدة مع محيطهم العربي، والانتفاض كما يحصل في إيران اليوم بوجه قيادات هذه التنظيمات التي تاجرت بأبنائها وأموالها وحياتها وأمنها، وحتى حاضرها ومستقبلها لتجمع هذه القيادات الأموال، وترسل أبناءها للتعليم الجامعي في الخارج، بينما يرسلون أبناءكم إلى الموت في سبيل المشروع الطائفي الإيراني، الذي يهدف بشكل واضح إلى بث الفرقة، وشق الصفوف داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وتشويه صورة الدين الإسلامي، وجعله يظهر بهيئة الحاضن للإرهاب والتخلف والجهل، فيحقق أصحاب المشروع الإيراني من ملالي قم هدفهم في الانتقام من الدين الإسلامي الذي أنهى يوما إمبراطورية الفرس المجوسية على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. إلى من قالوا يوما إن مشروع حزب الله هو مقاومة الإسرائيلي أقول:
هل قتل عشرات آلاف السوريين يعتبر مقاومة لإسرائيل؟
هل احتلال البلدات والقرى والمدن السورية يعتبر عملا مقاوما لإسرائيل؟
هل يعتبر الترويج للمخدرات وتجارتها وتعاطيها، وتصنيع حبوب الكبتاجون، وإغراق الدول العربية يها يعتبر عملا مقاوما لإسرائيل؟
هل التطاول على المملكة العربية السعودية واستهدافها بالصواريخ الباليستية يعتبر عملا مقاوما لإسرائيل؟
هل تصدير البترول والحمضيات والزعفران من إيران إلى إسرائيل، واتفاق إيران كونترا للحصول على سلاح إسرائيلي أثناء الحرب الإيرانية العراقية يعتبر عملا مقاوما؟
عذرا لمن يدعي أن حزب الله مقاومة، لأنهم كذبوا عليكم لسنوات، وتاجروا بدماء أبنائكم، وحوّلوكم وحوّلوهم إلى أشلاء متناثرة بين الجبال والسهول والوديان، ليس دفاعا عن قضية محقة، بل لتحقيق مصالح جمهورية حاقدة مارقة، أسسها خميني العار القادم من فرنسا إلى طهران على أنقاض امبراطورية الشاه، فتحولت إلى أرض محروقة بالتخلف، ومزروعة بالحقد، يعيش أبناؤها تحت خط الفقر.إن المقاومة الحقيقية هي تلك التي تقودها المملكة العربية السعودية، في مواجهة المخطط الإيراني في اليمن والبحرين وسورية والعراق على كافة الاتجاهات والأصعدة سياسيا وعسكريا، وتقدم المملكة العظيمة لمحيطها العربي وعدا بالحفاظ على أمنه واستقراره، وتتحمل عبء الدفاع المستميت عن هذه الأمة، وتقدم لشعوبها الخدمات والمساعدات، وها هي اليمن خير شاهد، وقبلها سورية وفلسطين ولبنان والسودان والصومال، وباقي دول العالم التي تشرفت بتلقي حزمة مساعدات سعودية لمساندتها في أحلك ظروفها المعيشية.
إذًا، وباختصار، من يتبع السعودية يتبع الحق والنور والمقاومة الحقيقية، ومن يتبع ولاية الفقيه يتبع الظلام والجهل والتخلف والقتل، فمن أراد الحق فليتبعه، ومن أراد الباطل فسنواجهه، ولن نسمح له أن يعكر صفو عيشنا وأمننا العربي وسلامة شعوبنا وطموحاتهم.
ستبقى أرض الحرمين هي أرض المقاومة العربية في مواجهة كافة المشاريع الخبيثة والحاقدة، وستبقى البوصلة والقبلة السياسية والدينية لجميع العرب والمسلمين، ولا حل لأي أزمة في المنطقة إلا عبرها، لأنها الأكثر حرصا على حقوقنا العربية من المحيط إلى الخليج، وعلينا نحن في لبنان أن نحدد خياراتنا بوضوح، فمن أراد حزب الله فهو يتخلى عن السعودية، ويتحول إلى محور ولاية الفقيه، ومن أراد المملكة فعليه العمل على نبذ السياسات الإيرانية في لبنان وسلاحها وميليشياتها الإرهابية، ووقف التعامل معهم واعتبارهم جزءا من النسيج اللبناني، فلم يكن هذا النسيج يوما جزءا من منظومة إرهابية طائفية، كما تروجون في خطاباتكم وحواراتكم السياسية.