يقول الدكتور وليد فتيحي (إننا نعيش طفرة جديدة وقد لا يكون المال هو المعضلة، ولكن السؤال الذي ستجيب عنه الأيام هل ستكون الطفرة القادمة لوطننا ببيئة تنموية أفضل؟)، وأعتقد أن الدكتور وليد لا يقصد الطفرة المالية فقط، ولكنه يقصد الطفرة المعلوماتية والبشرية أيضا. لا شك أن من الأهداف الرئيسية لمشروع الموارد البشرية إحلال العمالة الوافدة بعمالة سعودية مؤهلة، ومن أجل الإعداد لذلك تم فرض أنظمة على جميع المنشآت الخاصة باستقطاب السعوديين وتوظيفهم، كما أوجبت بعض الأنظمة ألا تقل نسبة السعودة عن خمسة وسبعين في المئة من مجموع عمالة المؤسسات الخاصة، كذلك قامت الخدمة المدنية بعملية إحلال للوظائف التي يمكن إشغالها بسعوديين.
وبالحديث عن عملية الإحلال في المؤسسات الخاصة نسترجع عملية الإحلال بالسعوديين التي تمت في المؤسسات الحكومية. فالتعليم العام وصلت نسبة الإحلال فيه إلى نسب تجاوزت التسعين بالمئة، ومنذ ذلك الوقت والجميع يتحدث عن أهمية تطوير التعليم!! وعليه تم صرف المليارات من أجل عملية التطوير، ووصلت المناهج إلى أفضل مراحلها، ولكن ظلت مشكلة تطوير المهارات والقدرة على ترجمة تلك المناهج وإيصالها إلى عقلية الطالب. ولهذا نجد نسبة من المواطنين بدأت في إرسال أبنائها إلى مدارس أجنبية!!. كذلك ينتشر في جنبات القطاع الصحي العام أن عملية الإحلال التي تمت في مستشفيات ومراكز المملكة وضخ العناصر السعودية بدلا من العناصر الأجنبية الأكثر تأهيلا، لا سيما في الأقسام الحرجة كالعناية المركزة والطوارئ، أدت إلى ملاحظات على بعض الخدمات الصحية. وحقيقة فإن هذه المشكلة لم تكن بسبب عملية السعودة كمشروع وفكرة وهدف، ولكن كانت بسبب عدم فاعلية الخطط للسعودة وعدم وجود عمليات تطوير مستمر للمهارات ومراقبة للأداء والإنتاجية وربط لجميع الحوافز والبدلات والاستحقاقات بتلك العمليات. كان وما زال أداء الموظف في المؤسسات الحكومية لا يستطيع التمييز بفاعلية بين الموظف المتميز والمقصر، وذلك بعكس ما يحصل في القطاع الخاص الذي أثبت أن مشروع السعودة هو مشروع ناجح بكل المقاييس، وذلك لفرضه معايير على الأداء والإنتاجية والانضباط.
لا شك أن عملية السعودة مهمة جدا، وهدف إستراتيجي لتحقيق مكاسب وطنية، وأبناء الوطن هم الأمل بعد الله في نهضة البلد، وتقع عليهم مسؤولية وضع المملكة في مصاف الدول الأكثر كفاءة على مستوى العالم، ولكي يتحقق ذلك لا بد من الاستثمار الجيد لعملية السعودة. فالموظف السعودي عليه أن يحصل على الوظيفة لأنه الأفضل والأميز في أداء المهمة، نـحتاج إلى عملية استثمار حقيقي في عمليات التعليم والصحة وغيرهما حتى يصبح مستوى المتخرج في هذه المؤسسات أعلى من مستوى الوافدين من خارج المملكة، بل نريد أن نصل إلى مرحلة أن يكون السعودي مطلوبا ومرغوبا داخل وخارج الوطن عطفا على كفاءته وخبرته وأدائه المميز.