عبدالسلام عبدالنعيم
السر في عمل التغيير يكمن في أن تركز طاقاتك في بناء شيء جديد، يفضي إلى التطور والنجاح، وهذا ما يقوم به ولي العهد محمد بن سلمان من مبادرات واهتمام وتركيز في العودة إلى الإسلام المعتدل الخالي من أفكار الإرهاب والتطرف، ومحاربة الفساد بكل أوجهه وملامحه، مما يجعل مبادراته إنارة جديدة وقيمة حقيقية وأصيلة ودافعا لكل دول المنطقة لكي تسير في نفس الدرب، لمحاربة التفكير الإرهابي البغيض، وترسيخ مفهوم التسامح الديني الذي أوصى به ديننا الحنيف.
الإرهاب امتدت أذرعه كأخطبوط في المنطقة، ولم تستبن دول المنطقة هذا الخطر إلا بعد سنين طويلة، رغم أن المملكة أول دولة نبهت إليه وإلى مخاطره، وبدأت في محاربته، والآن يقود ولي العهد محمد بن سلمان مع حلفائه حملة شعواء ضد الإرهاب.
إذا كانت دول المنطقة تهدف إلى منطقة خالية من التطرف والإرهاب فعليها أن تتحالف وتتعاون مع المملكة بجدية وبالتزام كامل باعتبار أن لديها ثقلا سياسيا في المنطقة، ولأنها صاحبة السبق والريادة في مكافحة الإرهاب، ولأنها أرض الحرمين، وذلك لمحاربة هذا النبت الشيطاني «الإرهاب» الذي يحاول بعض المشعوذين صبغه بصبغة إسلامية زوراً وبهتاناً، لإرعاب الناس وقتل الأطفال والنساء والكهول.
لا عاصم لدول المنطقة إلا بالتعاون والإمساك بعروة الوحدة والتعاضد لكي نعبر من هذا النفق المظلم والسائد في منطقتنا، لذا فإن محاربة جماعات الإجرام المنظم والتطرف أصبحت أولوية محلية ودولية، تحتاج إلى تضافر الجهود لحسمها.
الحكومات العربية عليها الاهتمام بالمبادرات التي يقوم بها ولي العهد، خاصة فكرة الوسطية والإسلام المعتدل الخالي من التطرف في إعلامها وفي التعليم وفي خطابها السياسي، وفي كل منابرها الثقافية والأكاديمية، فالوسطية هي جوهر وروح الإسلام، وهي الأساس الذي استند عليه الإسلام منذ بداية دعوة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال الله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)، والوسط في هذه الآية يعني الاعتدال والتوسط في كل أمور الدنيا، والإسلام دين الرحمة والسماحة والرأفة يدعو إلى اليسر.
المبادرة الثانية لولي العهد محمد بن سلمان هي محاربة الفساد، وهذا هو السلم الأول نحو النجاح، فهي مبادرة ستسهم بكل المقاييس في نجاح الدولة وفي تطورها وازدهارها، وستكون نموذجا تسير عليه بقية دول المنطقة، الفساد طاعون العصر، يدمر الدول ويشتت جهودها، ويجعلها قابعة في مربع الفشل، كثير من دول العالم كانت منهكة اقتصادياً رغم مواردها الضخمة، ولكن في السنين الأخيرة حاربت الفساد، واقتلعت جذوره، فنهض اقتصادها بسرعة البرق، فصارت في مقدمة الدول اقتصادياً، لأنها أصبحت تهتم بالمساءلة والمحاسبة لكل من يقصر في واجبه أو يخون أمانته أو يستغل منصبه أو نفوذه لمصالحه.
التقارير التي نطالعها عن كثير من دول المنطقة تؤكد على أن الفساد ضارب أطنابه فيها، مما كان سبباً في تدني الحالة الاقتصادية، وتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في وسائل الإعلام العالمية يؤكدان أن الفساد هو العدو الأول للاقتصاد، بل يتجاوز التدهور الاقتصادي إلى التدهور السياسي والاجتماعي، والكل يدرك كيف انهارات حكومات في إفريقيا وفي شرق آسيا في ثمانينات القرن الماضي بسبب الفساد.
شعاع الأمل مربوط ومعقود بمبادرات ولي العهد محمد بن سلمان، في أن تخطو دول المنطقة نحو محاربة الفساد لأجل اقتصاد معافى، ونحو الإسلام المعتدل والوسطية من أجل منطقة خالية من التطرف والإرهاب.