هذه السنة تحديدا وفي العاشر من محرم راج العديد من رسائل الجوال والإيميل وتبادلها مجموعة من المثقفين والمثقفات دون أن يفسحوا مجالا للسؤال المعتاد الذي ملّنا ومللناه عن المرسل (أنت سني ولا شيعي). هذه الرسائل تحتوي في مجملها على جملة أو اثنتين تتحدثان عن شعور المسلمين في ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه وبعض مقولاته المأثورة، يأتي هذا العمل في الوقت الذي عانينا فيه من ظهور بعض الدعوات الضالة من الطرفين التي تهدف إلى تفريق جمع المسلمين وزرع الشتات بيٍنهم بالرغم من كل الجهود للتقريب بين أبناء الوطن الواحد سنة وشيعة، وبالرغم من رفض البعض لهذا التقسيم من أصله، والذي يهدف إلى تقسيم ما هو في الأصل كيان واحد.

ورغم الكثير من الدعوات التي تزرع الحب بين الجانبين كالأمرالمشهور من سماحة السيد السيستاني لعموم الشيعة (ألا تقولوا إخواننا السنة بل قولوا أنفسنا) وما يبذله معتدلو الفريقين من الشيوخ والعلماء لقبول فكرة التعايش واحترام كل طرف للآخر، إلا أن ماحدث من مواقف على الجانبين في الآونة الأخيرة جدير بالإكبار والاحترام لكلا الطرفين، ففيه تأكيد على الرغبة الصادقة في التخلص من إرث الماضي الثقيل، بدءا من تبني الأوساط الشيعية المعتدلة لقضية السيدة عائشة رضي الله عنها ضد بعض المتطرفين الذين حاولوا النيل منها.. وتسيير الحملات المنظمة لنصرتها، وانتهاء بما حدث في اليوم العاشر من المحرم هذا العام.

وبالرغم من كون ماحدث لايشكل موقفا عاما ولا أمرا ملزما إلا أنه تسجيل حضور قوي للنخبة المعتدلة على الجانبين التي تدعو إلى التعايش والاحترام المتبادل، واضعة مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، حيث التشظيات والتقسيمات والصراعات هي الخطر الأكبر على أمن الوطن واستقراره.

[email protected]