دخلنا زمن الاقتصاد والتوفير، فيجب علينا أن نفكر مليا في كل قرش نصرفه؛ أين؟ ومتى؟ ولماذا نصرفه؟ مع مرور الزمن اكتسبنا عادات استهلاكية تأتي على كثير من ميزانية المنزل، وعليه جاء الوقت لنعيد حساباتنا، ونبدأ بالبحث عن كل فكرة، تسهم في تخفيض نسبة الصرف، وزيادة نسبة التوفير، بمرور بسيط على الشبكة العنكبوتية يستطيع أي منا أن يجد عددا من الأفكار، ولكي أبدأ مشوار الألف ميل جمعت لكم هنا بعض الأفكار، ليس المطلوب أن تتقيدوا بها جميعا، ولكن قد تضعكم على أول الطريق، بعضها سهل جدا، وبعضها قد يأخذ منكم القليل من الجهد والإرادة، لكن الناتج هو التوفير، وهذا هو المراد بالنسبة لنا جميعا الآن، نقطة مهمة هنا قبل أن نستمر في القراءة، لست هنا لأبرر لماذا وكيف، أنا هنا لأقدم المساعدة في التعامل مع ما هو كائن.
أتذكر عندما كنا صغارا كانت جدتي ـ يرحمها الله ـ تصرّ على أن نغلق المصابيح الكهربائية بعد خروجنا من كل غرفة، وأن نقرر ماذا نريد من «الثلاجة» قبل أن نفتحها، ونقف نتساءل: ماذا نريد منها؟ عدا عن التأكد من أن النوافذ يجب أن تكون محكمة الإغلاق حتى لا تتسرب الحرارة إلى الخارج في الشتاء، أو تركها مفتوحة حتى يدخل الهواء في أوقات الصيف، وعند غسيل الصحون لا نترك الماء يجري، بل نمر على الصحون بالمنظف، ومن ثم نستخدم الماء، وعند غسيل الوجه والأسنان أو الوضوء علينا أن نفتح الماء فقط حين نريده، ولا نتركه مفتوحا منذ أن نبدأ إلى أن ننتهي، أمور بسيطة ومتعددة كهذه وغيرها اعتدناها، فتجدني اليوم حتى في الجامعة حين أنتهي من المحاضرة لا أترك الغرفة إلا بعد أن أغلق الأجهزة وأطفئ الأنوار في القاعة، ما أريد قوله هنا إنها مسألة تعود، وبقليل من الالتزام تصبح عادة.
الآن عدا ما ذكرته سابقا، إليكم بعض الأفكار، التي أكرر أنها ليست لي، ولكنها مجربة وهنا بيت القصيد، بالنسبة للسيدات بدلا من شراء ملابس جديدة للمناسبات، بالإمكان مراجعة ما لدينا، وبقليل من التفكير الإبداعي بالإمكان تحويل أي موديل إلى واحد أحدث، لا يكلف عشر شراء الجديد، وإن قمنا بالشراء فليكن ما يمكن استخدامه مع قطع أخرى من الملابس، أما بالنسبة للأسواق التي هي المتنفس الوحيد لكثير من الأسر فلنحاول أن نستبدلها بأماكن لا تكلفنا، مثل زيارة الحدائق العامة أو كورنيش البحر، لماذا؟ لأننا حين نكون في السوق تزيد عندنا الرغبة في الشراء لأشياء نحن أصلا لا نحتاجها، وقد تعتبر من الكماليات، هذا عدا عن شراء المزيد من الأشياء التي لدينا مثلها، فقط لأنها تعرض بأسعار مغرية، أو بألوان وأشكال جديدة، أما بالنسبة لشراء حاجيات المطبخ من خضار وغيرها فلنقم بكتابة قائمة لنلتزم بها قبل التحرك إلى المتجر، وإن كانت لدينا شرفة أو حديقة في المنزل فلنبدأ بزراعة بعض الخضار، ليس لأنها توفير فقط، بل لأنها هواية نافعة، نملأ بها أوقات الفراغ، إضافة إلى شعور الرضا والإنجاز حين تقدمين طبقا بعض مكوناته من مزرعتك الصغيرة، وإن لم تكن قريبا منك عربات خضار ووجدت أنه أسرع لك أن تشتري من المتاجر الكبيرة، فحاولي هنا أن تكون قائمة أنواع طعامك متناسقة مع العروض التي تقدم؛ بمعنى أن تتابعي «البرشورات» التي تصدرها تلك المتاجر بصورة مستمرة، واتركي بعض الأشياء من القائمة مثل الورقية والبلاستيكية للمتاجر التي تبيع بأقل من 10 ريالات، وبما أنك تستطيعين الدخول إلى يوتوب وغيره من الشبكة العنكبوتية، تستطيعين أن تدخلي على مواقع تعلمك كيف تصنعين بعض المنظفات في المنزل بدلا من الشراء، وهنا توفير كبير، وللأطفال الأعزاء حاولي ألا تشتري لهم كل ما يرغبون فيه، فكثير منهم يمل الجديد ويريد الأحدث، هنا ارجعي إلى الإنترنت وستجدين الكثير من الألعاب التي يستطيع الأبناء بناءها مما يوجد في المنزل من أدوات وأشياء، بل إنك بذلك تنمي لديهم التفكير الإبداعي، وتساعدينهم على تقدير الإنجاز، والخوف على كل ما أخذ منهم مجهودا لبنائه، إضافة إلى أن له شعورا ألذّ لأنه من صنع أيديهم، أما الولائم خارج المنزل والوجبات السريعة فلنستبدلها بالوجبات المنزلية، وهنا لنعد إلى ما كنا يوما نفعله، نقوم بمساعدة بعضنا بعضا، ولا نترك الحمل كله على صاحبة الدعوة، هنا أعني الترابط الأسري بحيث نقدم المساعدة؛ سواء كنا من ضمن قائمة المدعوين أو لم نكن، ولا ننسى أن نقوم بالتأكد من أن كل أجهزتنا الكهربائية خالية من الغبار، مما قد يؤثر على عملها ويجعلها في كثير من الأحيان تستخدم زيادة في الكهرباء، أما التي لا نستخدمها ومخزنة فنستطيع أن نعرضها للبيع، لو أننا قمنا بجرد بسيط على أغراض البيت سنجد الكثير مما لا نستخدمه، ونعمل عليه طلبا وسنجد المشتري، وبالنسبة للهدايا التي كثر مروجوها على «الإنستجرام» وغيره من وسائل التواصل، نستطيع أن نصنع هدايانا بأنفسنا أو نبتكر، قد يأخذ ذلك منا وقتا ومحاولات كثيرة، لكن مع التدريب سنتمكن من هذه المهارة، ولنراجع الاشتراكات بجميع أنواعها لنلغي كل زائد منها، ولنتوقف عن الاعتماد على البطاقات الائتمانية لأنها تضلل، وكثير منا يشتري ويصدم عندما تصله الفاتورة من البنك بالحجم الشرائي الذي قام به، وإن كان المستعمل يفي بالغرض وفي حالة جيدة فليكن هو خيارنا، لنعتبره تبادل سلع، المهم أنه في حالة جيدة، وإن كان لديك مساحة في طرف المنزل وهو على شارع عام، فاحصل على ترخيص، وقم ببناء محلّ صغير وأجّره، فهذا يعتبر مصدرا ماديا إضافيا على الراتب يدعمه، ويخفف عنك من مصاريف المنزل، وإن كنا من الموظفين أو طلبة الجامعة فلنركز على إفطار منزلي صحي، وبالنسبة للدوام الطويل نأخذ معنا وجبتنا من المنزل بدلا من طلبات الخارج، الأفكار كثيرة والمساحة قليلة، المهم هنا استخدام العقل في التدبر والتفكير، ومقارنة الأسعار والجودة والانتظار والصبر قبل الإقدام على أي عملية شراء، فكثيرا ما نجد أنه بعد فترة انتظار أننا لسنا في حاجة ماسة إليه.
مرة أخرى هنالك واقع جديد يجب أن نتعامل معه، نستطيع التذمر ونفاجأ كل شهر بالفواتير وتكاليف الحياة، أو نرجع إلى العقل ونبحث كيف نتمكن من التوفير والتقليل من ضغط الحياة الجديدة، قد لا نستطيع الرجوع إلى الوراء، ولكن بإمكاننا أن نجعل القادم أفضل والخيار لنا، كيف نتعامل مع الواقع الجديد؟ أن نبدأ بأنفسنا ونغير ما يمكننا حتى نتمكن من الاستمرار.