مركز الوعي الفكري الذي أعلن عنه معالي وزير التعليم الفاضل، الدكتور أحمد العيسى، وذكر أن إنشاءه جاء إنفاذا للتوجيهات السامية، وتحقيقا للسياسة العليا للدولة في المحافظة على الهوية الوطنية، هذا المركز مهم جدا، ويُشكر الوزير على عنايته واهتمامه، وفي نظري أن نجاح هذا المركز من عدمه يتوقف على أمرين اثنين:

الأول: العاملون في الميدان من مديري الجامعات ووكلائهم وأعضاء هيئة التدريس، وكذا مديري التعليم والمعلمين.

الثاني: الفئة المستهدفة بالدرجة الأولى وهم الطلاب والطالبات.

فاستشعار المسؤولين في الجامعات وإدارات التعليم لأهمية ترسيخ العقيدة الصحيحة، والانتماء الوطني، والتحصين الفكري، وكشف الشبهات الضالة، وإدراكهم أن بلدهم مستهدف، مما يحتم على الجميع تقوية اللحمة الوطنية، وإفشال خطوات الشيطان التي يقوم بها الأعداء ضد ديننا ووطننا، هذا الاستشعار، وبالتالي العمل الجاد، سبب في إنجاح مهمة المركز، ليقوم بواجبه الذي من أجله أنشئ.

ويُترجَم ذلك الاستشعار ملاحظة ما يلي:

-1 إسناد الأمر لأهله من المعروفين بالتمكن العلمي، وسلامة المنهج، ودعمهم لأداء هذا الواجب.

-2 هذه المهمة -الأمن الفكري- مهمة شرعية ووطنية، وقضايا الدين والوطن ليست مكانا للوجاهة أو التملق والارتزاق أو الاستعداء، فلا يصلح لهذه المهمة من يرمي الفتيل هنا وهناك، ويسعى للقال والقيل بالظن والهوى، فهذا المسلك خطير، لكونه يؤدي إلى الفتنة والانقسام، وقد جاء في المادة الثانية عشرة من النظام الأساسي للحكم ما يلي: تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام.

-3 ليست هذه المهمة كذلك مكانا لأصحاب التوجهات الحزبية، والتيارات الفكرية المخالفة لما قامت عليه هذه البلاد، بل هؤلاء سيفرغون هذه البرامج من محتواها، إن لم يوظفوها توظيفا عكسيا.

وأقترح في هذا الصدد ما يلي:

أولا: تفعيل المقررات الشرعية التي هي متطلبات لجميع الكليات، لتكون موضوعاتها في التحصين الفكري، وبيان مكانة المملكة وقادتها، وكشف الشبهات الضالة، بدلا من المقررات الحالية التي وضعت في فترات ماضية، تتضمن موضوعات أممية، تتجاهل الوطن وخصائصه.

ثانيا: إشراك الطلاب والطالبات في الإعداد والتنفيذ، فهم الفئة المستهدفة، ولعل فشل كثير من اللقاءات والمناشط والمؤتمرات كونها تتم بمعزل عن الطلاب، ويتكلم الأساتذة والمدعوون نيابة عنهم.

وكنت اقترحت قبل فترة أن يقام مؤتمر بعنوان: دور الشباب في الوقاية من الفكر المنحرف ومعالجته، وتسند إليهم مهمة إعداد أوراق العمل، وإدارة الجلسات والحوارات، والاقتراحات، فالشباب لديهم القوة والنشاط، والتعامل مع معطيات العصر كالإنترنت ونـحوها، فإن لم تتم الاستفادة منهم في الدفاع عن دينهم ووطنهم وقادتهم، فسيستفيد منهم الأعداء ضد دينهم ووطنهم وقادتهم، وما لم يكن لهم هدف فسيكونون هم الهدف لعدوهم.

ثالثا: تفكيك خطابات الجماعات الحزبية، والتيارات الفكرية، بعلم وعدل وهدوء، خير من مصادمتها بصخب وضجيج، لأن الصخب والضجيج والصوت العالي كل يقدر عليه، لكنه فقاعات لا تنصر دينا، ولا تعز وطنا، ولا تكسر عدوا، بينما العمل العلمي الهادئ والمدروس، وإن كان يستغرق جهدا كبيرا، إلا أن مفعوله ونتائجه الإيجابية مثمرة.

رابعا: من المهم في نظري أن يكون لمركز الوعي الفكري مشاركة ورأي في لجان استقطاب الأساتذة السعوديين والوافدين، واختيار القيادات في الكليات، وأن تتم المناشط الفكرية بالكليات التي تقيمها الكراسي العلمية وشؤون الطلاب وغيرها، أن تتم بتنسيق مع مراكز الوعي الفكري ووحداته في الجامعات، فتوحيد الجهود وتكاملها خير وأحسن عاقبة.

هذه آراء أطرحها لإخواني في الجامعات، ولغيرهم من أصحاب الرأي والفكر، مع يقيني أن معالي الوزير يُولي هذا الموضوع عناية فائقة.