يشهد المجتمع السعودي تغيرات إيجابية واسعة تنتظم كافة جوانبه، أقرتها رؤية المملكة 2030 التي لم تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط، بل حوت في ثناياها جوانب اجتماعية على قدر كبير من الأهمية، انطلاقا من أزلية الترابط بين الاقتصاد والمجتمع، لذلك سارعت الدولة إلى اتخاذ قرارات عديدة، تسهم في تطوير المجتمع إلى الأفضل، وتخليصه من العوائق التي تحد من تطوره ونمائه، وتنزع صفات القداسة المزيفة من الذرائع التي يتمترس خلفها دعاة الركود وأعداء التطور.
من أبرز ما اتخذته الدولة في هذا الصدد قرار تمكين المرأة الذي يحمل من الإيجابيات ما لا يحتاج للاستفاضة فيه، حيث يسهم في تحقيق التوازن المطلوب للمجتمع، ورفع الظلم عن أحد طرفيه. كذلك كان الحرص الواضح على دعم الشرائح المتوسطة والأقل دخلا، وضمان عدم تأثرها بالقرارات الأخيرة التي هدفت إلى تصحيح مسار الاقتصاد، فجاءت فكرة حساب المواطن التي تفردت بالدعم المالي المباشر للفئات المستهدفة، إضافة إلى التركيز على تقليل نسبة البطالة وسط الشباب، والسعي لرفع مهاراتهم وكفاءتهم عبر برامج التدريب المتخصصة التي تجعلهم أكثر قدرة على المنافسة في سوق العمل، وبالتالي ضمان فرص العيش الكريم لهم.
ولأننا مجتمع عائلي كما يصفه الكثيرون، لم تغفل الدولة عن دعم شرائح المطلقات والأرامل، ورغم أن هذه الفئات غالبا ما تكون أكثر الفئات المهملة في معظم دول العالم، إلا أنها حظيت في بلادنا منذ تأسيسها بكثير من الاهتمام والرعاية، بدءا من برامج الضمان الاجتماعي، والمؤسسات الخيرية المتخصصة، ومؤخرا جاء تأسيس صندوق النفقة ليمثل ضمانة إضافية لتلك الفئات. وبالتزامن مع كل ذلك تجد برامج الإسكان اهتماما متزايدا، لتوفير مساكن للأسر السعودية، وفق خطة محددة يتم تنفيذها في إطار معلوم بآجال تم وضعها وفق خطط واضحة.
ومع التسليم بأن مجتمعنا يمتاز بالعديد من الصفات والخصائص، إلا أن الكثيرين حاولوا استغلال ذلك لتحقيق أهداف خاصة، فتمسكوا بالانعزال والجمود وعدم الرغبة في مسايرة العصر، بذريعة «الخصوصية»، وأصروا على العيش وفق نظريات تعود إلى قرون خلت، وكأننا ننتمي إلى غير الجنس البشري الموجود في بقية دول العالم. ونسي هؤلاء أو تناسوا أننا بشر مثلنا مثل الآخرين، نتأثر بهم ونؤثر فيهم، وإن كنا نتفرد بصفات وخصائص، فهذا ليس مدعاة للانغلاق والانكفاء على الذات، والوقوف على هامش الحياة. لذلك كانت كلمات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان واضحة وقاطعة في هذا الصدد، عندما قال إن السعوديين ليس لديهم استعداد لإضاعة 30 سنة أخرى من عمرهم، وهي كلمات لا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح.
وللمتوجسين الذين ينفرون بطبيعتهم من التغيير، ويتمسكون بالحاضر، دون أن تكون لهم القدرة على استشراف المستقبل، نقول إن التغيير الذي تنشده القيادة ويتطلع إليه المجتمع يحمل بين ثناياه ضمانة نجاحه، لأنه مستمد من هدي الإسلام القائم على الكتاب والسنة، ويستصحب في ثناياه الحفاظ على تقاليدنا الأصيلة، المستمدة من الموروث المحلي العريق، ويتم وفق رؤية حكيمة تضع في اعتبارها حتمية التدرج وتبصر مواقع الخطوات، لتجنب الزلل، مع التمسك بالسير وفق الإطار الموضوع، فالأمم التي لا تساير العصر، ولا تواكب المتغيرات، ولا تنافس العالم من حولها، تمرض وتموت ويندثر أثرها.