إن التوقعات بإضافة الأسهم السعودية لمؤشر «فوتسي رسل» للأسواق الناشئة حين مراجعة المؤشر في مارس المقبل والإضافة المهمة للسوق السعودية «تداول» للائحة المراقبة لمؤشر «مورغن ستانلي كابيتال انترناشيونل» تعتبر مؤشرات مهمة عن اهتمام رؤوس الأموال وشركات إدارة الأصول العالمية بالسوق السعودية، خصوصا في ضوء رؤية السعودية 2030 وجهود هيئة السوق المالية وتداول لزيادة الشفافية وترسيخ أفضل المعايير العالمية للحوكمة وحماية المستثمر في السوق السعودية.

ولكننا نعتقد أن التطورات الإيجابية أعلاه سوف تؤدي لفرص واعدة أخرى تسلط الضوء للشركات العالمية على فرص للاستثمار في السوق السعودية، خصوصا من خلال شراكات وشراء حصص استراتيجية في شركات سعودية خاصة أو عائلية غير مدرجة. وسوف تمثل هذه الفرص تحولا نوعيا وإيجابيا في العلاقات بين الشركات العالمية وشركائها السعوديين.

إن عدة شراكات أعمال خارج إطارات الطاقة والبتروكيماويات، كانت تعتمد على استيراد خبرة التشغيل للمملكة من الشريك العالمي، حيث يتحمل الشريك السعودي، وهو في غالب الأحيان شركة سعودية خاصة أو عائلية، معظم تكاليف التشغيل ودخول السوق المحلية، وتكون صفة الشراكة نوعا من أنواع امتياز التشغيل (فرانشايز)، سواء كان المنتج ذا طابع صناعي، في قطاع الخدمات أو قطاع منتجات المستهلك. وبالرغم من إتمام بعض الاستثمارات المباشرة في شركات سعودية لم يكن عدد أو حجم هذه الاستثمارات يتناسب مع حجم وفرص السوق السعودية.

ولكن الخطوات المتسارعة لتطبيق أفضل معايير الشفافية والحوكمة في السوق السعودية سوف تحدث تغيرا مهما وإيجابيا في تقييم الشركات والمستثمر العالمي لفرص الاستثمار في المملكة، خصوصا أن سوق المملكة يتمتع بعدة مزايا، منها حجم السوق، ومعدل عمر السكان، وانفتاح السوق تاريخيا على التجارة الحرة، وقوة الاقتصاد السعودي.

إن خبرة الشركات الخاصة والعائلية في السوق السعودية سوف توفر فرص استثمار واعدة للمستثمر الدولي وللشركات العالمية في مختلف المجالات، حيث تتضافر خبرات الشركات العالمية في مجال عملها مع الخبرة المحلية للشريك السعودي لترتقي بالشراكة لمستوى عالمي يعود بالفائدة للشريكين ويزيد من الجودة التنافسية في السوق السعودية، مما يسهم في تطور السوق وزيادة التنافسية العالمية للشركات السعودية.

أول خطوات الاستثمارات العالمية في الشركات الخاصة والعائلية السعودية قد تكون، على سبيل المثال لا الحصر، في الشريك أو مشغل الامتياز السعودي، حيث يكون المستثمر العالمي قد كون خبرة جيدة في العمل مع الشريك السعودي، ويستطيع بسهولة تقييم فرص الاستثمار المباشر. ولكن حصر فرص الاستثمار فقط في علاقات الشراكة الموجودة حاليا قد يحرم الشريك السعودي من فرصة تقييم شركاء جدد قد يقدمون إمكانات أفضل، وفرص نمو الأعمال والأرباح أكثر من الشركاء التاريخيين، خصوصا أن دراسة استثمار جديد وشراء حصص استراتيجية يتطلب دراسات وخبرات تختلف عن تقييم إدارة امتياز «فرانشايز».

إذا ومع وجود فرص واعدة للمستثمر العالمي في السوق السعودية، كيف للشركات العالمية أن تتعرف على فرص الاستثمار في المملكة، وكيف لشركة في المملكة أن تتحرى عن أفضل شريك عالمي يمكنها من تطوير أعمالها ويشاركها النظرة المستقبلية للتعاون والنمو؟

إن جهود هيئة سوق المال وتداول لتعزيز شفافية السوق من خلال المعلومات المتوافرة عن الشركات المدرجة بهدف خدمة المستثمر السعودي، تقدم أيضا خدمة مهمة للمستثمر الدولي حين يبحث عن شركات في اختصاص معين في السوق السعودية.ولكن ماذا عن الشركات الخاصة غير المدرجة، والتي ربما تكون شريكا مثاليا للمستثمر الدولي؟ كيف يمكن للمستثمر الدولي أن يتعرف عليها، وكيف يمكن للشركات السعودية أن تنتقي أفضل شريك دولي محتمل؟

من مزايا رؤية 2030 أن تفعيل الدور المهم والإيجابي لمختلف البرامج والفعاليات الحكومية والمؤسساتية والخاصة يصب في هدف تطوير الاقتصاد السعودي، ودعم التنافسية العالمية للشركات السعودية، منها برامج صندوق الاستثمارات العامة وجهوده المهمة والفعالة في مجالات الاستثمار وبناء وتنمية الاقتصاد، والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والغرف التجارية في المملكة، على سبيل المثال لا الحصر، لها دور مهم في تفعيل زيادة الاستثمارات العالمية في الشركات السعودية.