عندما نقول عن بلادنا المملكة العربية السعودية، أنها وطن الأوطان، وقائدة للعالمين العربي والإسلامي، فتلك حقيقة لا مبالغة فيها، فبلادنا بلاد كل العرب والمسلمين، تهوي إليها القلوب حبا واعتزازا، سعوديون وغير سعوديين، ويستقبلها كل مسلم في صلاته وهو يتجه نحو الكعبة المشرفة، أينما شرّق وغرّب، وتضم أطهر البقاع الحرمين الشريفين، مهوى الأفئدة المؤمنة، ويشهد تاريخها أنها موئل الرجال، وموطن القيم والمبادئ والشيم العربية والمواقف الأصيلة، هذا الوطن الحبيب إلى كل قلب، الذي يفتح قلبه وذراعيه لكل إنسان عربي وغير عربي، يُصدم بين وقت وآخر بمن يسيء له، حينما تُشن ضده حملات إعلامية بقصد التشويه والإساءة، من جهات ومنظمات وأفراد، دون أن يكون هناك سبب واضح لإساءاتهم تلك، إلا بما يمكن تفسيره على أنه قد يكون، إما بدافع من سلوك المسيئين المصبوغ باللؤم والحقد الذي اعتادوا عليه تجاه بلدنا، أو بدافع من الحسد والكراهية لمجتمعنا، أو أنهم مأجورون لجهات معينة ليخدموا أجنداتهم.

تلك الحملات حينما تكون من منظمات مشبوهة إعلامية وغير إعلامية، فنحن نعلم أن هناك أعداء في الخارج يقفون خلفها فتزول دهشتنا، لكن حينما تأتي الإساءات ممن «ينفلت عيار لسانه» بإساءات لبلدنا ومجتمعنا ويملأ بها فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي خاصة في «تويتر وسناب شات» تحديدا، وهم يعيشون بين جنبينا، فهنا العجب! ومنتهى اللؤم ونكران الجميل، إلا أن الأعجب حينما تتم مواجهتهم بعد أن يفتضح أمرهم، فنجدهم يسارعون إلى التبرير، وبأسلوب الهجمات المرتدة في ملاعب كرة القدم، أو على طريقة «خذوهم بالصوت لا يغلبوكم» فيبدؤون بالتبرير، كقولهم مع شيء من المكابرة «لم نقصد، لا تدخلوا في النوايا، حرية تعبير» أو كتبرير أحد هؤلاء المسيئين الذي فضحته تغريداته في تويتر، وعرّت لؤمه، حينما قال مبررا وليس معتذرا «معليش كنت غير ناضج»، ومع هذا يُعطى برنامجا في إحدى الفضائيات، ليناقش عبره قضايانا الاجتماعية!

دعوني أقول «نحن وطن كبير»، ولا يمكن لمثل هؤلاء الأقزام أن يضرّونا، أو يؤثروا على مسيرة بلدنا أو مجتمعنا بتغريدات أو مقاطع في يوتيوب، بل لا يجب أن يُلتفت إليهم، لكن حينما نجد أن هؤلاء المسيئين لبلادنا يكافؤون ببرامج في فضائياتنا ليطلوا علينا عبرها بوجوه ناعمة، فهنا مثار الاستغراب والعجب الذي يطول، لأننا نغضب ممن «يأكل من ثمار أشجارنا ثم يرمينا ببقاياها»! لهذا كان يجب أن يكون لنا موقف تجاههم، وضد إساءاتهم، كما تم لأحد هؤلاء المسيئين لمجتمعنا وأوقف إعلاميا، وهذا لا يكفي لأنه قد يعود، لا بد أن يعرف كل من يسيء لبلدنا، أننا لسنا بالجدار القصير، ولسنا سذجا، حينما يسيء لنا في الصباح، ونستقبله بالأحضان في المساء، بل عليه أن يتعلم بأن من رمانا بحجر لن نستقبله بالورود! وكأن ذاكرتنا ضعيفة تنسى الإساءات، لا، بل يجب أن يفهم كل من أساء لبلادنا أن عليه أن يدفع ثمن إساءاته، وأنّا سنتعامل معه وفق قاعدة أخلاقية «من يَحْترم يُحْترم» ولا غير هذا، والحمد الله، فالكثير من أشقائنا العرب عاشوا عقودا معنا وبيننا، يحبون بلادنا ويعدونها وطنهم الثاني، ويعرفون تفاصيل جغرافيتها، وأحداثها التاريخية، ورموزها القيادية والاجتماعية، أكثر مما يلمّون به عن بلدانهم، وتلك حقيقة سمعتها من كثيرين من أشقاء عرب، نسكنهم في حنايا قلوبنا، لأنهم أوفياء لبلادنا ومجتمعنا، ومن الخطأ أخذ الجميع بجريرة واحد أخطأ.

وكي لا يفهم الأمر أني أستثني من المسيئين من هم من بني جلدتنا، فأنا أؤكد أنّا نرفض إساءات أي أحد «سعودي أم غير سعودي»، ويجب أن يفرق من يظن أنه يقدم نقدا للوطن، وهو لا يفرّق بين النقد الهادف والإساءة، وأن بينهما شعرة، وأن عبارة «أنا حر» لا تسوغ لأحد أن يمس الثوابت والرموز في بلادنا.

نعم لكل إنسان حق النقد الهادف البناء، لكن حرية أي إنسان تتوقف عندما تبدأ حرية الآخرين، ومع الأسف أن نجد من استغل وسائل الإعلام الجديد، وحولها إلى منصات تهريج وسخافات وانتقادات وإساءات وبذاءات، ثم يجد في الفضائيات من يسوّق له تحت بند «مشاهير التواصل»، وأنا أعيد القول على أسماع تلك الفضائيات «لا تصنعوا من الحمقى مشاهير!».