«الثروة الأولى هي الصحة» رالف إميرسون.

«التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، إن الغد يكون ملكا للذين يستعدون له اليوم» مالكوم إكس – رحمه الله-.

ضريبة القيمة المضافة سيبدأ تطبيقها في بداية السنة الميلادية الجديدة 2018 أي بعد غد، وهي ضريبة اتفقت عليها دول مجلس التعاون بغض النظر عن إيجابياتها أو سلبياتها، فإن اتفاق دول المجلس نص على إمكانية استثناء بعض السلع والخدمات بما يناسب ظروف كل دولة، وذكر منها خدمات الصحة والتعليم.

طبعا استثناء الصحة والتعليم هو إجراء معمول به في كثير من دول العالم لأنهما جوهرتا التاج لعافية أي مجتمع، بل إن التعليم والصحة يكونان في مقدمة الاستثناءات في الدول التي لديها نظام ضريبي متقدم، وبما أننا في المملكة وفي الخليج جديدون نسبيا على الأنظمة الضريبية فلا أعرف لماذا لم نأخذ بهذه الاستثناءات، ونتبع كثيرا من دول العالم، خصوصا أنه منصوص على هذا الخيار في اتفاقية مجلس التعاون الخليجي إذا رغبت الدولة.

ربما بعض المسؤولين يعتقد أن الاستثناءات ستشوه النظام الضريبي أو ستكون مدخلا للتلاعب، لكن لا أرى أي سبب يدعو إلى ذلك لأن مجال التلاعب فيهما قليل جدا ومحدود، ولا يوجد مقارنة بالسلع مثلا التي يكون مجال التلاعب فيها أكبر.

بل إن إضافة التعليم الأهلي للضريبة المضافة سيكون لها أثر عكسي، فالمواطن الذي يدخل ابنه مدرسة خاصة هو يشيل حملا عن الدولة، فتكلفة تعليم الطالب كبيرة في القطاع العام، ورجوع بعض الطلاب للمدارس الحكومية سيزيد الأعباء عليها، ولا يعتقد البعض أن كل من يرسل أبناءه لمدارس وكليات أهلية مقتدر وغني، بل البعض يختار التعليم الأفضل والجودة الأعلى لأطفاله رغم صعوبة ظروفه، ما زلت أذكر سابقا في إحدى المناسبات اقترب مني رجل كبير، وقال لي أريد أن أستشيرك بموضوع، قال عنده مبلغ معين جمعه لسنوات وحالته المادية متوسطة، والآن لديه خياران إما استثماره في التجارة أو استثماره في تعليم أبنائه، فقلت له أنت أعلم الناس بظروفك، وتستطيع تمييز الأفضل لك ولعائلتك، لكن وجهة نظري أن الاستثمار الحقيقي في البشر والتعليم، علمت لاحقا أنه استثمر في تعليم أولاده.

 أما الصحة فهي التاج لتطور وإنتاجية أي مجتمع، وهذا شيء مفروغ منه، المريض عندما يذهب لمستشفى خاص فإنه يزيل بعض الضغوطات عن مستشفيات الدولة التي هي أصلا مزدحمة ومواعيدها طويلة، في بلد عدد الأسِرّة لكل ألف شخص حوالي 2.3 وهو مستوى منخفض.

إن أحد أهداف الدولة ورؤية 2030 هو تنشيط القطاع الخاص وجعله شريكا في التنمية ومبادرا ومشغّلا لكثير من الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، وقد يقول البعض إن الدولة ستدعم القطاع الخاص مما يزيد من حجم الخدمات التعليمية والصحية، وهذا شيء جيد لكنه يستغرق وقتا حتى يظهر أثره، لذلك يجب التركيز حاليا على المواطن وعدم تحميله مصاريف إضافية في هذين المجالين الحيويين.

الدولة لديها الشجاعة لتغيير القوانين إذا رأت أن المصلحة تستلزم ذلك، وهذا يدل على ثقة كبيرة وتمكُّن وحكمة، وعندنا مثال جيد وهو تأجيل التوازن المالي إلى عام 2023 بدلا 2020 حتى لا تتسبب الإصلاحات السريعة بتباطؤ وبضربة للاقتصاد.

لذا أتمنى من الحكومة إعادة النظر في فرض ضريبة القيمة المضافة على التعليم والصحة، ولدينا بدون شك ولي عهد حكيم وشجاع يسعى لمصلحة المواطن.