طالعنا حساب هيئة المحامين على تويتر مؤخرا، بأنه سوف يقام مزاد على أرقام العضوية للمنتسبين للهيئة، وقد قسمت لمجموعات بدأت بالبرونزية وتنتهي بالماسية، بداية فقد بعث بالخبر أحد الأصدقاء الأعزاء في أحد قروبات واتساب القانونية، لم أصدق ما أرى، ولا أعرف حقيقة ما الغرض من بيع هذه الأرقام بمزاد؟ الحقيقة أنني لم أفهم شيئا!

جيوب المحامين ليست مصدرا لميزانية الهيئة الموقرة، على الجانب الآخر أنا أتفهم تماما المبالغ المطلوبة للاشتراك حتى تكون منتسبا للهيئة، فهذه المبالغ جزء لا يتجزأ من تقليد يوجد بكل أنحاء العالم حتى تستقل الهيئة ماليا، هذه المهنة «المحاماة» لا يباع لقبها أو رقم عضويتها لمن يشاء! هي مهنة سامية لها متطلبات على مستوى التأهيل والتدريب، والمفترض أن تكون صارمة جدا، فليس كل من هب ودب أصبح محاميا «قاضيا واقفا» كما يقال، على أننا أحيانا نسمع قصصا كقصص ألف ليلة وليلة عن محامين لهم مؤهلات بشهادة المتوسطة والثانوية، وحتى لو تم استثناؤهم بسبب قدمهم وخبرتهم قبل صدور قانون المحاماة، فإن وضعنا الحالي والحداثة القانونية لا يستوعبانهم، ولا بد من النظر مجددا في وضعهم بشكل جدي، فأعوان العدالة يساعدون لوصول الحق لأصحابه فكيف يوصله من هو لا يفهم في القانون شيئا، ولا هو حتى أنهى تعليما جامعيا على الأقل، هيئة المحامين تحتاج للاستقلال المالي والتنظيمي عن وزارة العدل حتى تكون لها هيبة، المفترض أن تمتلكها كأي هيئة محامين في أي دولة بالعالم، ويكون لها قرار مستقر يعنى بشؤون المحامين الذين هم أحد أوتار المشهد القانوني السعودي، التقسيم في مزاد هيئة المحامين قد تكون له دلالات غير جيدة نهائيا، وأولها أن من يمتلك المال من المحامين امتلك رقم عضوية مميزا! وهذا قد ينصرف لدى الناس أن من يمتلك رقما مميزا امتلك خبرة وعقلا مميزا أكثر! وهذا ظلم وبهتان عظيم، فالخبرة والتخصص ليسا أرقاما تشترى، ومن امتلك المال من المحامين قد لا تكون له علاقة بنجاحه أو تخصصه، مثلهم مثل من يقول أنا رائد أعمال وأبوه صاحب ملايين ومليارات وعلاقات أيضا!

ثانيا: إن كان غرض الهيئة بيع الأرقام لأن لها تأثيرا تسويقيا فهذا غير مفهوم! فالتسويق والإعلان للمحامي ممنوع قانونا، ورغم أن فرض عدم إمكانية المحامي تسويق نفسه هو مبدأ يؤخذ به ويرد، لذا لا أفهم ما حجج عدم إمكانية تسويق المحامي لنفسه؟ بدل أن يزور كل جنازة ومناسبة زيارة تسويقية لا إنسانية بغرض توزيع بطاقات عمله، إن كان غرض الهيئة زيادة دخلها فهناك ألف طريقة وطريقة أخرى.

ثالثا: هذا التقسيم يؤطر لطبقية بين المحامين هم المفترض يد واحدة لخدمة الناس أجمعين، بغض النظر عن مستواه المادي أو خلفيته الثقافية والدينية والجنسية كذلك. أتفهم تماما جدا أن المرور السعودي يبيع اللوحات المميزة، فهذه سيارة وملك خاص يتباهى به بعضهم، أما مهنة المحاماة وبطاقة العضوية فأظنها ليست محلا للمباهاة أبدا، بل هي مسؤولية كبيرة تلقى على عاتق المحامي لرد الحقوق لأهلها.