رغم محاولات إشاعة أجواء التفاؤل بعيد مشاورات بعبدا التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون مع أحزاب وقوى سياسية في محاولة لتجاوز صدمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وتداعيات تريثه فيما بعد، فقد أكدت مصادر عدم وجود تقدم ملموس، على الساحة اللبنانية خاصة بعد تمسك حزب الله بسلاحه إلى جانب استقطابه للرئيس عون لإبقاء ما أسماه صيغة «الجيش والشعب والمقاومة»، وهو ما جعل الحريري يعيد تأكيده على تقديم استقالته في حال لم يتجاوب «حزب الله» مع شروط النأي بالنفس، في إشارة إلى إمكانية عودة الأزمة اللبنانية إلى المربع صفر.
وحسب المصادر فإن جل ما قدمه الحزب في موضوع سلاحه هو حل ميليشيات «سرايا المقاومة» أي ذراعه العسكري في أحزاب «الممانعة» التابعة لفريق 8 آذار التي كان يوظفها في أجندته الداخلية لتوتير الأجواء وإيقاظ الفتن المذهبية، وهو أمر لا يبدو كافيا إذ إن المطلوب عدم تقيد حزب الله بالأوامر الإيرانية وهو أمر صعب التحقيق.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس عون الذي دعا الحريري للتريث في الاستقالة، لا يستطيع أن يتجاوز مسألة وضع آلية لتطبيق النأي بالنفس، وفق صيغة ترضي كل الأطراف، وهو أمر مطلوب فرنسيا ومصريا بالدرجة الأولى كونهما كانتا عرابتي إخراج لبنان من عنق الزجاجة، في وقت كانت اتجاه الرياح تميل نحو حرب تخلط الأوراق وتجعل من لبنان ساحة صراع إقليمي كما حدث في سورية والعراق.
وكان الحريري قد هدد بالاستقالة مجدداً، أول من أمس، إذا لم يقبل «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران تغيير الوضع الحالي، ووقف تدخلاته الخارجية.
سرية المفاوضات
أشار المحلل السياسي، غسان حبال، في تصريحات إلى «الوطن» إلى اتفاق بين مختلف الأطراف المعنية بالأزمة على إبقاء نتائج المفاوضات سرية والاكتفاء بتصريحات رسمية عامة ومقتضبة، مشيرا إلى أن الحريري أكد بوضوح على أنه سيستقيل إذا لم يتجاوب «حزب الله» مع الشروط التي طرحها للعودة عن استقالته، لكن في المقابل اعترف بأن موضوع نزع سلاح «حزب الله» مؤجل وهو ليس موضوعا محليا بل يرتبط بنتائج المفاوضات الإقليمية وهو الأمر الذي أعلنه مرارا الرئيس عون، مبينا أنه يمكن الاستنتاج أن المفاوضات المحلية إنما تدور حول ما هو مقبول من «حزب الله» ويمكن حصره بـ«النأي بالنفس» الذي يعني بالنسبة لـ«حزب الله» وقف الحملات الإعلامية ضد السعودية وخروج ميليشيات الحزب من سورية، وسط تأكيد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عدم وجود قوات للحزب في اليمن.
العلاقات العربية
حول مصير العلاقات بين لبنان والدول العربية في حال فشل الحريري في إقناع «حزب الله» النأي بالنفس، قال حبال، إن الحريري يؤكد دائما على عروبة لبنان وعلى ضرورة حماية العلاقات مع السعودية وسائر الدول العربية، لافتا إلى رد الحريري على بعض الطروحات التي قالت بالبحث عن موارد اقتصادية لدعم لبنان من خارج الدول العربية، حيث أكد رفضه القطعي لهذا الطرح لأن لبنان سيبقى عاجزا عن العيش خارج محيطه. وأشار حبال إلى أن هناك طرحا واكب المفاوضات المحلية يتمثل بإحداث تعديل وزاري داخل الحكومة، وهو احتمال أقر به الرئيس الحريري أيضا، لا بل إن الحديث يطال إمكانية استقالة الحكومة على أن يكلف الرئيس الحريري بتشكيل حكومة جديدة تسهر على تنفيذ آلية «النأي بالنفس» التي يفترض أن يتم رسمها.
المشهد اللبناني
- لا تقدم في مفاوضات الأطراف السياسية
- حزب الله يصر على أجندته الإيرانية
- عون يعجز عن تجاوز مسألة النأي بالنفس
- الحريري يؤكد على أهمية العلاقات العربية
- طرح إجراء تغيير وزاري أو تشكيل حكومة جديدة