إسماعيل السوداني* ومايكل نايتس**
في التاسع من ديسمبر الجاري أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رسميا النصر في حرب العراق ضد تنظيم داعش. وعندما تولى منصبه في عام 2014 كانت هذه الجماعة تسيطر على ثلث البلاد، بما في ذلك 24 مدينة وثلاثة ملايين شخص وعدة حقول نفطية، ولكن تنظيم داعش طرد حاليا من كافة مراكز التجمعات السكانية وحقول النفط الرئيسية، وذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من فترة ولاية العبادي التي أمدها أربعة أعوام.
أما الجهة الفاعلة الرئيسية في هذا التحوّل المدهش فهي «قوات الأمن العراقية» التي تشمل «جهاز مكافحة الإرهاب» والجيش والشرطة الاتحادية و«قوات الحشد الشعبي» وقوات «البيشمركة» والقوات المساعدة القبلية والشرطة المحلية والوكالات الاستخباراتية وقوات حماية الحدود والمنشآت.
وفي الآونة الأخيرة أعلن رئيس أركان الجيش الفريق الركن عثمان الغانمي أن عام 2018 سيكون «سنة إعادة بناء» قوات الأمن العراقية، بينما شدد العبادي على مهمة حيوية قد تسهل هذه العملية، وهي إعادة جميع الأسلحة التي تم توزيعها خلال الحرب إلى سيطرة الدولة.
ومن المرجَّح أن تكون المرحلة التالية من المعركة أشبه بحملة لمكافحة التمرد والإرهاب أكثر منها حربا في مواقع جبلية وصحراوية قد تمتد إلى الحدود مع سورية. وسوف تتفرق عناصر تنظيم داعش وبالتالي ستحتاج «قوات الأمن العراقية» إلى مواجهة هذا الانتشار بالمثل. وعوضا عن استدراج قوات العدو إلى المعركة والقضاء عليها، سيتمثل التحدي الأساسي في حماية السنّة المحليين واستمالتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش من أجل الحصول على معلومات استخباراتية عن التنظيم، ووضع حد لتجنيده المزيد من العناصر، حيث هناك ما يشير إلى أن مهمة تدمير داعش أبعد ما تكون عن الاكتمال.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الحكومة العراقية معالجة بعض المشاكل الأمنية المهمة التي تفاقمت خلال الحرب. وتتمثل إحدى المشاكل الملحة في التهديد الذي تشكله الميليشيات والعصابات الإجرامية والقبائل المسلحة في البصرة - محافظة بالغة الأهمية تصدر 3.5 ملايين برميل من النفط يوميا، وتؤمّن أكثر من 95% من العائدات الحالية للحكومة العراقية.
ومنذ انسحاب قوات الجيش المحلية عام 2014 شهدت المحافظة نزاعات قبلية شديدة، حيث استخدم المقاتلون القنابل الصاروخية وقذائف الهاون عند أطراف حقول النفط الرئيسية. كما بدأت بعض ميليشيات البصرة تسرق النفط، مدّعية انتماءها إلى قوات الحشد الشعبي، في حين أنها في الواقع تنفذ عملياتها على بُعد 400 ميل من أقرب جبهة قتال. وفي المرة الأخيرة التي حصل فيها هذا الأمر بين عامي 2006 و2007، تفاقمت المشكلة بسرعة لتتحول إلى عملية تهريب بمليارات الدولار، واستلزمت قيام قوات الأمن العراقية بشن حملة كبرى -حملت اسم عملية «صولة الفرسان»- لتحرير البصرة من الميليشيات.
وثمة تحدٍّ أمني آخر يتطور بسرعة وهو خطر تمرُّد الأكراد في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك، حيث أعادت القوات الاتحادية مؤخرا ترسيخ وجودها العسكري. فهذه المناطق بحاجة ماسة إلى آليات أمنية مشتركة تسمح للوحدات الاتحادية والكردية بتقاسم المسؤوليات الأمنية في المناطق المختلطة عرقيا والتي لا تزال موضع نزاع بموجب الدستور العراقي.
* شغل مناصب مختلفة في الجيش العراقي لفترة دامت 30 عاما
* زميل «ليفر» - (معهد واشنطن) - الأميركي