ويليام لامبرز*


من خلال توسيع «برنامج الغداء المدرسي في الخارج»، يمكننا أن نقدم للأطفال في جميع أنحاء العالم هدية من شأنها أن تدوم لهم على مدار السنة. إنها ليست لفتة إنسانية فحسب، بل إنها سياسة خارجية ذكية.

 قبل عيد ميلاد عام 1947، وقَّع الرئيس الأميركي هاري ترومان على قانون برنامج المعونة الغذائية المؤقتة لمكافحة الجوع في أوروبا. ومن شأن تلك المعونة الغذائية أن تجلب الاستقرار إلى أوروبا، في محاولة لإعادة بنائها من رماد الحرب العالمية الثانية. وكان ذلك شرطا مسبقا أساسيا لإعادة الإعمار. وقد وفَّر جزء من برنامج المعونة المؤقتة وجبات مدرسية لأكثر من مليون طفل في إيطاليا. كما وصلت الأغذية التي تبرع بها مواطنون أميركيون، عن طريق «قطار الصداقة»، إلى فرنسا، حيث تم توزيع الوجبات المدرسية لمئات الآلاف من الأطفال الجوعى في باريس لعدة أسابيع، وكانت تلك بمثابة هدية عيد الميلاد.

وفي الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة تقوم أيضا بتقديم الوجبات المدرسية لملايين الأطفال في ألمانيا. وفي النمسا، تقدم خدمات الإغاثة الكاثوليكية برنامجا للغداء المدرسي يديره جيش الولايات المتحدة.

وكانت جميع برامج التغذية هذه جزءا من المرحلة السابقة لخطة مارشال لعام 1948، التي أعادت بناء أوروبا في نهاية المطاف. في الواقع تم وضع برنامج المساعدات المؤقتة خصيصا للسماح للناس في إيطاليا وفرنسا والنمسا بـ«تناول الطعام، والعمل، والبقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء» قبل أن تنفذ خطة مارشال.

ومن الواضح أن واحدة من أكبر الإنجازات الدولية في أميركا كانت خطة مارشال، وكانت الوجبات المدرسية جزءا من كنز السياسة الخارجية هذا.

 تدير وزارة الزراعة الأميركية الآن برنامجا للغداء المدرسي العالمي باسم «ماكغفرن-دول» الذي يتلقى تمويلا بحوالي 200 مليون دولار سنويا. ويستخدم هذا التمويل في توفير الوجبات المدرسية في البلدان الفقيرة عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وخدمات الإغاثة الكاثوليكية، ومنظمة إنقاذ الطفولة، ومنظمة ميرسي كور وغيرها.

ويُمثل «برنامج ماكغفرن- دول» جزءا صغيرا من الميزانية الاتحادية للولايات المتحدة التي تنفق أكثر من 20 مليار دولار على الأسلحة النووية سنويا. وعندما ننظر إلى مثل هذا الإنفاق الضخم، يبدو من المعقول جدا توسيع تمويل «ماكغفرن- دول» إلى 300 مليون دولار سنويا على الأقل. وإذا حدث ذلك، فيمكننا توفير الوجبات المدرسية إلى عدد أكبر من الأطفال في البلدان الفقيرة.

وبما أن الغداء المدرسي يُعد مصدرا رئيسيا لاستقرار الأسرة والمجتمع والأمة، فينبغي أن تكون هناك خطة لتغذية أكبر عدد ممكن من الأطفال، وأن تساعد الخطة في بناء برامج غداء مدرسي وطني، حيث تحتاج كل أمة إلى برنامج غداء مدرسي لضمان تغذية أطفالها وتعليمهم.

علينا أن نفكر في هدية للأطفال الجوعى في العالم على مدار السنة. ويمكن أن تؤدي الوجبة المدرسية البسيطة إلى تحسين حياة الملايين من الأطفال. وهذه الوجبة البسيطة تُعد هدية ثمينة يجب أن نستمر في إعطائها.

تُظهر خطة مارشال عظمة السياسة الخارجية الإنسانية التي تتميز بها أميركا، ولذا نريد أن يعبِّر رئيسنا ترمب عن تلك المثل الإنسانية العليا بتوسيع التمويل المستمر لتغذية أطفال العالم الفقراء.


 *مؤلف شارك في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة – مجلة (نيوزويك) – الأميركية