يوما بعد يوم، تنكشف الحقائق أكثر فأكثر، ويعرف العالم كيف جمع حزب الله الأموال لشراء السلاح، وتمويل عملياته الإرهابية في لبنان وسورية، والعراق واليمن، والبحرين والكويت، وغيرها من الدول.
حزب الله الذي استفاد من تجارة الممنوعات، وأبرزها المواد المخدرة والكوكايين، إضافة إلى السرقة وتجارة النساء، عبر تشغيل ملاهٍ ليلية تقدم الموبقات لروادها، استطاع الحصول على مئات ملايين الدولارات من أسواق عدة في إفريقيا وأميركا الجنوبية وأوروبا، ولاحقا كشفت التحقيقات التي يجريها محققون في الولايات المتحدة الأميركية أن الحزب قام بتبييض أموال وتجارة المخدرات في أميركا، وأصبحت هذه التجارة شائعة حتى في لبنان الذي تحولت معظم أراضي البقاع فيه إلى حقول لزراعة مادة الحشيش، وأصبح قادة حزب الله ووُزراؤه ونوابه من أهم ملاك مصانع الكبتاجون في البلد، حتى صار تصدير هذه المواد وتهريبها إلى دول الخليج العربي يدرّ على الحزب ملايين الدولارات الأميركية، لمساعدته في تغطية عجز الميزانية التي تقدمها لهم إيران.
اليوم، ومع اقتراب العقوبات الأميركية ضد حزب الله، وبعد حديث وزير الخارجية السعودية عن دور المصارف اللبنانية في تغطية أنشطة حزب الله، نجد أن الوضع أصبح دقيقا بشكل غير مسبوق، وأن العقوبات التي سيفرضها الغرب ستطال كل شرائح المجتمع اللبناني التي رضخت لحزب الله وسياساته، وكل المؤسسات التي تتعامل معه وتسمح له بتبييض الأموال عبر شراء الرؤوس الكبيرة في المؤسسات المالية والمصارف، وإغراقها بالرشاوى والوعود بمناصب هنا وهناك.
لقد أصبحت الحكومة في لبنان جزءا لا يتجزأ من سياسات حزب الله، فرئيس الجمهورية حليف للحزب، ورئيس الحكومة يحضّر لتحالفات مع الحزب، ووليد جنبلاط عرّاب الاتفاق الرباعي سابقا والخماسي حاليا يعدّ من أكثر الشخصيات التي تنازلت للحزب للحفاظ على زعامة اكتسبها بالوراثة، وبهذا أصبح لبنان الرسمي خاضعا للحزب، فقدم له قانون انتخاب يسمح له بتعديل مواد الدستور اللبناني، وتعديل اتفاق الطائف، وتمرير المشاريع التي تخدمه وتساعده على مزيد من الربح والسيطرة على لبنان، والاختباء خلف مؤسساته الرسمية، لتمرير عمليات تبييض الأموال، وتجارة البشر والمخدرات، وتمويل عملياته العسكرية في باقي الدول العربية.
إن المطلوب اليوم -وبكل وضوح- من الحلفاء والأصدقاء الضغط على لبنان في كل الاتجاهات، ومنعه من تقديم أوراق الاعتماد لحزب الله، مستسلما له ومعترفا بالهزيمة أمام المشروع الذي يخدمه سلاح الحزب. وبداية، فالمطلوب فرض عقوبات اقتصادية على كل المصارف التي تسمح بفتح حسابات لأعضاء أو منتمين أو مؤيدين للحزب، ومنع هذه المصارف من التعامل مع أي مصارف عربية -خليجية- غربية.
وعلى الدول الحليفة والرافضة تدخلات إيران وسلاح حزب الله، رفض قانون الانتخاب الذي يعدّ خطوة في اتجاه تحويل لبنان إلى مستعمرة إيرانية على البحر المتوسط، وحصار رجال الأعمال اللبنانيين المؤيدين لحزب الله وميشال عون، وعدم إعطائهم تراخيص للقيام بأي أعمال في دول الخليج العربي، وإدراجهم على لوائح الإرهاب، وتقديمها للأمم المتحدة، والمطالبة بشكل صريح بتجميد حساباتهم التي يستفيد منها حزب الله بشكل غير مباشر، وعلى رأسهم وزير التربية السابق في لبنان، ووزير الخارجية الحالي، والذين ينتمون إلى التيار الوطني الحر الذي يعدّ أحد أسباب سقوط لبنان في أحضان المحور الإيراني، إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال والسياسيين المؤيدين للحزب وسياساته التي تعدّ سياسات تهدد لبنان ودول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية التي تتعرض لإطلاق الصواريخ الباليستية بين وقت وآخر من اليمن من حلفاء إيران، وبإشراف خبراء من حزب الله.
اليوم، لا يجب أن تسمح المجاملات والعلاقات الفردية لكل من تسول له نفسه الانبطاح أمام مشروع حزب الله، أن يبقى على وضعه الحالي متروكا ليمارس نشاطاته التجارية والسياسية بحرية مطلقة، ويجب محاسبة هؤلاء بشكل سريع، مهما كان منصبه السياسي أو المالي مُهِمّا، فليس هناك ما هو أهم من أمن دولنا العربية وأمن شعوبها في مواجهة مخاطر حزب الله - إيران.
فهل سيسمح المجتمع الدولي والشعوب العربية لإيران وحزب الله بالسيطرة على لبنان، وتحويله إلى مستعمرة إيرانية يُعبد فيها آل البيت، ويهددون منه أرض الحرمين بالقصف والقتل والدمار؟
لا يمكن القبول بذلك، تحت أي ظرف، وإذا كان بعض السياسيين خسروا شعبيتهم في لبنان، ومالهم، ودعم الدول لهم، فلا يحق لهم اليوم بيع 10452 كلم2 من أرض لبنان لإيران وحزب الله للحفاظ على مناصبهم، وإعادة الربح المالي إلى حساباتهم المصرفية. فلبنان، كان وسيبقى أولا، ولن يصبح تحت أي ظرف أرضا إيرانية تنتظر قدوم المهترئ في سردابه بصفة «صاحب الزمان» وهو ناشر الأوهام، شيطان على هيئة ولي إيران الفقيه خامنئي العار.