أشغلت قضايا تحقيق أهداف التنمية المستدامة في التعليم، والتي جاءت في تقارير دولية، المهتمين بتطوير العملية التعليمية في المملكة، إذ بدأت الجهات المعنية متحمسة لتوظيف إستراتيجيات جديدة لحل الأزمة الحالية التي تتمثل في مستويات منخفضة من التعليم، وعدم المساواة المرتفعة، والتقدم البطيء.




أثارت عبارة «لا توجد حلول عالمية للتعليم»، والتي تكررت في تقارير حول التعليم العالمي، المهتمين بتطوير التعليم في المملكة، إذ بدأت الجهات المعنية متحمسة لتوظيف إستراتيجيات جديدة لحل أزمة التعليم الحالية التي تتمثل في مستويات منخفضة من التعليم، وعدم المساواة المرتفعة، والتقدم البطيء، وقد تم نشر تقارير حول هذه القضية هذا الشهر، وتناول تقريران: الأول جاء تحت عنوان «متابعة التعليم العالمي والنظرة العامة السنوية للمنظمة اليونيسكو حول التقدم نحول تحقيق أهداف التنمية المستدامة في التعليم»، والآخر بعنوان «التنمية العالمية من البنك الدولي 2018، وهو التقرير الأول في السلسلة الذي يركز على التعليم منذ بدئها في 1978».


قضية دولية

ما الذي ينبغي على الدول أن تفعله كي تقضي على العوائق التي تعترض التعليم، وكيف يمكن أن تقضي المملكة على القضايا المتعلقة بمشكلات التعليم؟، وماذا يتوجب على الدولة القيام به عندما تسعى وراء تطوير تعليم الطلاب، خاصة عندما لا يوجد تصور مُجرّب وصحيح لما تحتاج أن تكون عليه الأنظمة التعليمية؟.

أسئلة أشغلت المهتمين بتطوير التعليم في المملكة، ولكن يظهر أن أصحاب القرارات في بعض دول العالم بحاجة إلى الحصول على بيانات حول الجودة العالية في أداء الأنظمة، والقدرة على استخدام هذه البيانات، والتحفيز للعمل نحو الهدف المنشود وهو تزويد جميع الأطفال بالمهارات التي يحتاجونها كي ينجحوا في حياتهم، ونقطة الالتقاء بين المعلومات والمسؤوليات وجميع هذه هي موضوع مؤتمر حديث لمسؤولي التعليم من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اجتمع المشاركون من الجزائر والأردن وليبيا وموريتانيا والمغرب وفلسطين، من أجل مشاركة المتابعة الابتكارية وإجراءات تجميع البيانات، ومناقشة الإستراتيجيات لتعزيز حس المسؤولية بين الجهات الفاعلية في التعليم: الدولة والمدارس والمواطنون.







تجربة الأردن

جاء في تقرير عالمي تناول الحلول العالمية للتعليم، أن المدارس في الأردن على سبيل المثال تتم زيارتها بشكل منتظم من فرق من المقيمين القادمين من الوحدة التي تم تأسيسها مؤخرا «وحدة الجودة التعليمية والمسؤولية»، وهي عبارة عن وحدة منفصلة داخل وزارة التعليم، والهدف من هذه الزيارات هو التحقق من التقدم نحو مؤشرات الجودة الوطنية الموحدة، وكان المقيمون هم عبارة عن معلمين ومديرين ومستشارين ذوي خبرة عالية، تلقوا تدريبا مكثفًا بلغت مدته 18 شهرا، وذلك لتقييم خطط التنمية في المدارس، ومتابعة المعلمين والفصول الدراسية، وإجراء المقابلات مع الطلاب وأولياء الأمور، وإلقاء نظرة على المستوى التحصيلي للطلاب، ومشاركة التوصيات الواضحة للإجراءات المعتمدة على مزيج من المؤشرات الكمية والنوعية، ولشكل مُماثل قامت فلسطين باستعراض الإجراءات الإدارية المعتمدة على النتائج والتي توظف مديري برنامج معين لمتابعة وتجميع بيانات إجمالي 88 مؤشرا (48 مؤشرا كميا، و35 مؤشرا نوعيا، و5 مستويات عملية)، مرتبطة بأهداف أحدث خطة إستراتيجية تنموية تعليمية، والمنهجية المركزة على النتائج تهدف إلى تعزيز المسؤولية الداخلية على جميع المستويات، وقال النقّاد إن المنطقة تركز بشكل كبير على هندسة التعليم، ويركزون بشكل قليل جدًا على الحوافز وعلاقات المسؤولية، ويرى مراقبون أنه بإمكان الجهات المسؤولة أن تستفيد من جوانب التشابه الإقليمية، مثل اللغة والسياق الثقافي المشترك، وذلك لحل الصعوبات المشتركة.




مفاهيم مغلوطة

يرى مراقبون أن من أبرز معوقات تطوير التعليم، ما هو موجود الآن في بعض المؤسسات من مفاهيم مغلوطة لما يسمى برامج ضمان الجودة، وكونها تعبئة أوراق بالأرقام والنسب دون وجود واقع حقيقي لما تعكسه هذه الأوراق، وخطورة البرنامج الخطأ أشد من خطورة عدم وجود برنامج؛ لأنه يوهم بوجود إنجازات وحلول للمشكلات فيصد عن التفكر في حل حقيقي لها، كما أن التطوير الجزئي حل واقعي، فالتعليم العالي ليس كتلة واحدة، لكنه مكون من عناصر يمكن العمل على تطويرها كل على حدة، خصوصا في وجود هذا البون الشاسع بين مفرداته، وانفصام العلاقات بين مقوماته

-كالبحث العلمي، والابتكار، والتدريب- وهي علاقة منفصمه يظهر أثرها جليا دون كبير عناء.


تجربة مسك الخيرية

أطلقت مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية»، بالتعاون مع مؤسسة بيل ومليندا جيتس، مبادرة «تحديات مسك الكبرى»، وذلك خلال منتدى مسك العالمي المقام في الرياض، وتهدف هذه المبادرة المدعومة بمنح تبلغ قيمتها الإجمالية 10 ملايين دولار، إلى تمكين الشباب من ابتكار حلول إبداعية لمعالجة أهم التحديات العالمية في مساري التعليم والمواطنة العالمية، وسيطلب التحدي التعليمي تقديم مقترحات تنص على أفكار مبتكرة جديدة لتحويل التعليم أو إدارات المدارس، بحيث تسهم في تزويد الأطفال بشكل أفضل بمهارات القرن الـ21، التي يحتاجون إليها للنجاح في المستقبل،

وستشمل حل المشكلات والقيادة والإبداع والقدرة على التكيف.

أمّا تحدي المواطنة العالمية، فيتطلّب تقديم مقترحات لإيجاد حلول لواحد أو أكثر من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي أطلقت عام 2015، حيث سيركّز التحدي الأول على كل الأهداف الستة: القضاء على الفقر، القضاء على الجوع، الصحة الجيدة والرفاهية، التعليم الجيد، المساواة بين الجنسين، والمياه النظيفة والنظافة الصحية.

وتسعى المؤسسة إلى الإتاحة للمبتكرين الذين يحصلون على المنح إمكان الوصول إلى 3 شبكات دولية هي: شبكة «حُماة الهدف» التي تشرف عليها مؤسسة بيل جيتس. ومشروع «كل شخص» منتدى مسك العالمي الذي تنظمه مؤسسة مسك الخيرية. ومجتمع خريجي مبادرة التحديات الكبرى من أصحاب الأفكار الإبداعية الذين سبق لهم الحصول على منح لتحويل أفكارهم إلى مفاهيم واقعية.