قالت صديقتي إن شقيقها يكون شخصا آخر عند زوجته العربية، فيصبح أكثر مرحاً، أقل نقداً كلّما قالت شيئا سخيفا هشّ وبشّ، وهي سيدة بسيطة جداً، تحب الاستماع لعدوية وهي تطبخ له محشي الكرنب عكس زوجة أخي السعودية خريجة أميركا والجميلة جدا والماهرة في بيتها وعلاقاتها، لكنه عندها يبدو غاضبا، لا يعجبه شيء، حتى إنه في إحدى المرات كاد يحطم التلفزيون لأنها أعجبتها أغنية لكاظم الساهر وتمايلت مع صغيرتها عليها، بل إن مجرد دعوتها إلى محاضرة كفيل بأن يَصب احتقاره واستخفافه بقدراتها، والاتهام باستغلال جمالها للحصول على فرص الاستماع لرأيها.

هذه المقارنة ليست فريدة من نوعها، فكثيرة هي الحالات التي يكون السعودي فيها شيئا آخر مع ابنة بلاده، ولكم

أن تلاحظوا كيف كشف الناس في تويتر زوج المذيعة الذي كان ينتقد من تكشف وجهها، ويصفها بأقذع الصفات،

ثم إذا به يتزوج مذيعة تمتهن الإعلان في سنابها عن المجوهرات والملابس، مما يتطلب استعراض إمكاناتها وقدراتها على جعل الحلي والملابس أفضل.

على كل حال لا يمكن تجاهل أن الرجل السعودي مر بتجربة مريرة عمرها أكثر من ثلاثين سنة، تم إقناعه فيها بأن المرأة كائن أقل منه، وجالِب للفتن، ومصدر للشرور كصندوق باندورا، فتم دفعها إلى عالم خفي عن الرجل دون

أن تسنح للمرأة السعودية فرصة الدفاع عن نفسها وإثبات قدراتها، فلم تكن يوماً المعلمة التي تعلمه القراءة والكتابة، ولم تكن الأستاذة التي تشرح له مسائل الرياضيات والفلسفة في الثانوي، كما أنها لم تكن المحامية التي تدافع عنه، ولا المهندسة التي تبني بيته، ولا الأستاذة الجامعية التي توقع على مستقبله، ولا المذيعة المحاورة

أو المثقفة التي تقود رأيه وتغيره بينما رأى الكثير من العربيات والغربيات.

كذلك فإن السعودية في نظره هي أمه المغلوبة على أمرها في البيت، وأخته العورة والعار كما أخبره وعاظ الصحوة، والحبيبة التي كما تكلمه تكلم غيره، أو الضحية وهو مجرد ذئب، وهذه النقطة الأخيرة جعلت كثيرا من الرجال في السعودية غير مقتنعين في داخلهم بأنهم يستحقون أن تقول لأحدهم امرأة أحبك، فلابد أنه مثل غيره، وكما قالت له قالت لغيره.

في الواقع مر هؤلاء الشباب بثلاثين سنة من التسونامي الفكري بخصوص النساء السعوديات، مما جلب التعاسة لحياة المرأة السعودية، وما مطالباتنا بتجنيس أطفال السعوديات إلا لمنح السعوديات أريحية أكثر في الزواج من جنسيات أخرى، حتى تظهر آثار التغيير الذي تقوده الرؤية، ويبدأ الرجل في السعودية يرى المرأة كإنسان قادر أن يكون مساويا وأفضل منه، بل وأكثر قدرة وحكمة، إنسان شريك كامل في العلاقة، وليس مجرد نصف كائن يرضى بأنصاف المتع وأنصاف الاحترام والحب.