رفع الكفاءة التشغيلية لدى الأجهزة الحكومية يزيد من فرص الاستثمار في البرامج والمشاريع التي تحقق التحول الوطني ورؤية 2030. خصصت الدولة 192 مليارا هذا العام لقطاع التعليم، فما نسبة ما يمكن توفيره وإعادة توجيه صرفه إن حققنا كفاءة تشغيلية عالية في التعليم؟
ميزانية التعليم تشمل وزارة التعليم العام، والعالي، ومعهد الإدارة، والجامعات، وهيئة تقويم التعليم، ومشاريع تعليمية أخرى. وحسب بيانات هيئة الإحصاء تراوحت مخصصات التعليم العام بين 55% و60% من ميزانية قطاع التعليم. فباعتبار نسبة 60% تصبح ميزانية التعليم العام هذا العام تراوح قرابة 115 مليار ريال.
يتم احتساب ميزانية التعليم دوليا من وجهتي نظر: اقتصادية ومرتبطة بالناتج المحلي وتشغيلية مرتبطة بعدد الطلبة. من ناحية اقتصادية، تتراوح نسب ميزانيات التعليم بحسب الناتج المحلي للدول العشرين (G20) ما بين 2.9% في تركيا و6.0% في هولندا وبمتوسط 4.7%. يبلغ الناتج المحلي للمملكة في 2016 بقيمة 646,483 مليون دولار أميركي – أي ما يعادل 2.4 تريليون ريال سعودي. وإن حسبنا ميزانية التعليم العام بقيمة 115 مليار ريال، فيبلغ تخصيص المملكة للتعليم العام نسبة 4.7% من الناتج المحلي، ما يساوي متوسط تخصيص دول العشرين للتعليم العام.
والطريقة الأخرى من وجهة نظر تشغيلية، والتي تعتمد على عدد الطلاب. يمكن الاعتماد على عدد الطلاب في المملكة مما نشر في يناير 2017 حول منصة نور التعليمية التي ترصد جميع بيانات الطلبة من وجود 4,174,535 طالبا وطالبة في التعليم العام الحكومي سعوديا وغير سعودي. وحسب ميزانية المملكة لهذا العام، فإن المملكة تقوم بصرف 27,548 ريالا سعوديا لكل طالب. ولكن حسب معدل الصرف لدول منظمة الاقتصاد والتعاون الدولي، فيتوقع أن تكون مصروفات التعليم العام على الطالب في نطاق يزيد قليلا أو يقل عن 18,750 ريالا، وذلك يضع إجمالي ميزانية التعليم قرابة 78.27 مليار ريال وبزيادة في المصروفات بقيمة تقريبية 37 مليار ريال.
العلاقة بين الناتج المحلي والصرف على الطالب طردية أحادية، فكلما زاد الناتج المحلي زادت مصروفات التعليم على الطالب. تقع الغالبية العظمى من دول مجلس الاقتصاد والتعاون الدولي على معادلة موزونة تجعل نسبة الاستثمار في التعليم متقاربة في معظم الدول. بينما في المملكة لا نقع على نفس المعدل، وذلك لأن مصروفاتنا على الطالب تزيد على المعدل الدولي بإجمالي 37 مليارا تقريبا. وهذا يدل على أمرين، الأول وجود إرادة عليا للاستثمار في تطوير التعليم وضخ مبالغ إضافية لرفع جودة التعليم، والثاني هو وجود مساحة لتطوير الكفاءة التشغيلية بالتعليم العام بما يقارب 37 مليار ريال – 32% من إجمالي مخصصات التعليم العام. ويمكن رفع الكفاءة التشغيلية على البرامج أو القوى البشرية إما من خلال تطوير العمليات أو إيقاف الهدر.
الدراسات الكمية للميزانيات هي وجه واحد من عملة وجهها الآخر الجودة. تعلم الطالب وجودة الأداء هما العائد الأكبر من الاستثمار في التعليم. ومع انطلاق العام المالي الجديد، دراسة وتحليل الأداء وأثر الاستثمار في التعليم بكل شفافية وعلمية بمعيار صدق وثبات عال ضروري للتعرف على آليات رفع الكفاءة التشغيلية لدى الوزارة. ويمكن استثمار برامج ومشاريع هيئة تقويم التعليم، مركز قياس أداء الأجهزة الحكومية، الاختبارات والمقاييس الدولية، بالإضافة إلى الأدوات والمقاييس التي تستخدمها الوزارة للتطوير الذاتي.
الاستثمار في التعليم ضروري جدا لاستدامة التنمية الاقتصادية وعوائدها طويلة الأمد، ورفع الكفاءة التشغيلية ضروري لإعادة ضخ الأموال فيما يحقق العائد الأكبر من تعلم الطالب. دعواتي الصادقة لكل من يعمل من أجل تطوير التعليم، وأعاننا الله جميعا لتقديم ما فيه صلاح للوطن والتعليم.